تحالف مريب بين غريزة القطيع و ” كوميديا” الفقر السوري..؟؟!!!

ناظم عيد – خاصّ – الخبير السوري:

بين التكافل والاستعراض ضاعت معالم  المبادرات الإنسانية أو ربما الإنقاذية في الأسواق السورية المأزومة، بالحرب والحصار واختلاط الأوراق بشكل غير مسبوق، بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي..

فإن كانت الأمور قد اتجهت في المنحى الخيري، في مطلع تطبيقات ” موضة” هذه المبادرات..إلّا أن شكوكاً كان يجب ألّا تغيب عن معظمنا، في زمن بات فيه الشك “من حسن الفطن” وليس ” إثماً”.. بأن المسألة تتعدّى مجرّد التدخّل الإسعافي التكافلي، لتخفيف أوجاع المواطن وتخفيف معاناته المعيشيّة..ونعلم جميعاً أن السريّة هي الشرط اللازم للصدقة ..كي لا تتحوّل إلى فضيحة، خصوصاً في مجتمعات تزعم النفحة التراحميّة كمجتمعنا !!

للوهلة الأولى خِلنا أنها حركات استعراضيّة، و في أصعب الاحتمالات محاولة ” إعلانيّة وتسويقيّة” لأسماء و أسواق ومتاجر..وهذا مقبول فلا بأس بمثل هذه الطريقة في التسويق إن انعكست خيراً على المواطن والتاجر…مطرب يقيم حفلاته بليرة، هي دعاية  مقبولة ولو أنها سمجة..وطبيب يجري جراحة بليرة أيضاً دعاية بما أن الطب شهرة في بلدنا وليس جدارة وكفاءة..

لكن متوالية المبادرات اليوم تدفع نحو ظنون من النوع الذي لا نحبّ ولا نشتهي، لا لنا كأفراد.. ولا لبلدنا كدولة فشلت حرب السنوات التسع بدفعها لـ”التسوّل” على أبواب المنظّمات والدول.

ويبدو أنّ أصل الحكاية بخلاف ما نعتقد أو ما اعتقدنا..فالآن ” هيبة الدولة” في خطر وعلينا جميعاً أن ننتبه ونحذر أيضاً.

الدولة السورية تدفع سنوياً  1600 مليار ليرة رواتب لموظفي القطاع العام أي 1,6 تريليون ليرة ..والدولة السورية تدفع سنوياً مبلغ 200 مليار ليرة سورية تحت عناوين الدعم، فكتلة الدعم المجتمعي بكل متفرّقاته وصلت إلى 2 تريليون ليرة سنوياً.

لكن كل ذلك بدا ليس موضوعاً للحديث..وطوي وضاع صداه في زحام التصفيق لشيء ما نجهله جميعاً، أي المسألة أخذت طريقها إلى مضمار التسلية لدى الكثيرين..فيما ” مديرو المبادرات” يلعبون بعناية فائقة ..وهؤلاء من نجهلهم وصفّق لهم المصفّقون بلا تردد ؟!!

لا ندري إن كان الفقر قد فعل فعله حقّاً إلى هذا الحدّ المزعوم في أوساطنا الشعبيّة، ودفع الناس للتجمع أمام محلّ مغلق أعلن عن مبادرة ” بليرة” وتنصّل منها..وكانت النتيجة مجموعة من الصور التي أحدثت رضّاً في داخل كل سوري نبيل وشريف..هل هي صدفة أم هو “لعب بالنار”..؟؟

بعضهم باع لحوم الدجاج النافق في سياق ” مبادرة بليرة”..و آخرون تخلّصوا من بضائعهم الكاسدة أو المهددة بالكساد..

ولم نتساءل السؤال الأهم وهو : من يموّل هؤلاء ؟؟

من يموّل سائق سرفيس أعلن عن أجرة الراكب ” بليرة” وهو يشكو تراجع الغلّة ونقص المازوت منذ أشهر..ومن يموّل سمّان في أحد الأحياء الشعبية انضمّ إلى المبادرة، وهو بالكاد يستطيع تأمين احتياجات أسرته ؟؟!!

منذ مبادرة رجال الأعمال لدعم الليرة قبل أشهر، كانت التوجّسات قائمة لدى معظم من راقب المجريات..لكن لا أحد يملك أن يقطع سلسلة مبادرة ” خيرية” تم طرحها و إلّا يُتهم و “يُرجم”…لكن مبادرة دعم الليرة هذه اختتمت بانخفاض حاد في سعر صرف الليرة..فأي دعم حصلنا عليه…

لسنا بصدد الحديث عن متفرّقات والتقاط بقايا صور مجريات ” مبادرات” شغلتنا..لكن كان الأكثر جذباً للانتباه، هو الأخبار التي جاءت من هنا وهناك، تتحدث عن مجهولين يسددون ذمم الفقراء في البقاليات، ويغلقون دفاتر المديونية في بعض القرى..مجهولون ..؟؟ أي مدن فاضلة تحولت إليها مدننا و أريافنا إذاً ؟؟

ليس أخطر من محاولات إظهار الدولة بمظهر العاجز عن رعاية مواطنيها..خصوصاً في أوقات الحروب و الأزمات التي تنتج عنها..

فمن الذي تذكّر وضخّم استعراضات حماية ” الليرة “..ومزاعم تلمّس جراح المواطن..وتناسى 3600 مليار ليرة تدفعها الدولة كرواتب ودعم لمواطنها ؟؟؟

والأهم كيف ومن موّل  ومن أين ؟؟..إذ يمكن أن نتفهّم أن بعض الجهات ذات الطابع الممأسس يمكن أن تموّل مثل هذه التظاهرة – التي تبدو معنوية أكثر منها ماديّة – ولا يمكن قبول الأمر إلا في هذا السياق..لكن أن يتسلل كثيرون ويستثمرون الموقف لتسويق أسمائهم على حساب قوّة وحضور الدولة السورية ..فهذا ما يجب الوقوف عنده والتحري عن الحقيقة.

أخيراً..لمن لم يطلع على حقائق الأمور ..فقد نشأت سوق سوداء لليرة ” القطعة المعدنية” وقيل أن السعر وصل إلى الألف ليرة..؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!

إقرأ أيضاً:

فارس الشهابي: القرارات الحكومية الأخيرة جيدة ومطلوبة منذ سنوات

فارس الشهابي: القرارات الحكومية الأخيرة جيدة ومطلوبة منذ سنوات

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]