الضريبة على من لا ينتج أهم أداة لتحفيز الإنتاج..فكرة من ذهب ..

الخبير السوري:

من المعهود أن المنتجين خاضعين لتأدية ضريبة دخل، أكان هذا الإنتاج فردياً أو مؤسساتياً، فكل عامل في القطاع العام أو في القطاع الخاص /مسجل في التأمينات الاجتماعية/ مكلف بتأدية ضريبة سنوية اسمها ضريبة الدخل، تصب في الميزانية العامة للدولة، كما أن كل مؤسسة عامة أو خاصة مسجلة وعاملة مكلفة بتأدية ضريبة دخل سنوية، وتزداد نسبة هذه الضريبة تبعاً لزيادة الدخل، وعلى الأغلب يتم تحصيل هذه الضريبة في جميع بلدان العالم، علما أنني أرى أن تعمد كل دولة – ما استطاعت ذلك – التخفيف من هذه الضريبة، بل منح المنتج مكافآت أو إعفاءات لقاء ما حققه من إنتاج، بغية تحفيزه لتحقيق المزيد، خاصة وأن أغلب المكلفين يمتعضون من الضريبة، ويرونها بمثابة عقوبة، علماً أن قيمتها الفعلية المطلوبة والمدفوعة غالباً ما تكون أقل من القيمة النظرية المفروضة والواجبة التحصيل، أكان ذلك ناجماً عن تهرب أو احتيال من إدارة المنشأة، أو نتيجة تغاضي أو إهمال من المعنيين بالتكليف الضريبي، ولكن الموظف المسكين لا قدرة له على الاحتيال ولا يستطيع محاسبه – الذي يقتطع الضريبة عن راتبه كل شهر – التغاضي عن المستحقات على دخله، والتي غالباً ما تفوق المستحقات المفروضة على تاجر كبير أو منتج كبير يبلغ دخله عشرات أمثال دخل الموظف.

بالتوازي مع وجود ملايين العاملين من الأفراد ومئات آلاف المنشآت التي تعمل، يوجد مئات آلاف من العاطلين عن العمل جزئيا أو كليا، وأيضا يوجد عشرات آلاف من المنشآت – المتعددة الأنشطة المتوقفة عن العمل لسبب أو لآخر، أو تعاني من صعوبات استكمال تجهيزها، فإذا كان من يعمل – فردا أو منشأة – خاضعا لضريبة إنتاج تقضي باقتطاع جزء من دخله لصالح تأدية ضريبة مالية، لقاء ما تحقق من إنتاج، نجم عنه فوائد كبيرة للوطن ومواطنيه، فما الذي يمنع فرض ضريبة عدم إنتاج على كل فرد أتيحت له فرصة عمل ولكن لم يعمل تحت حجة وأخرى، وبقي عالة على غيره، وأيضا ما الذي يمنع أن يتم فرض ضريبة عدم إنتاج عل كل منشأة متوقفة عن العمل أياً كان نوع نشاطها، نظرا لما نجم عن توقفها من خسائر وطنية كبيرة، انعكست سلبا على الوطن ومواطنيه، فالطاقات الإنتاجية للفرد والطاقات الإنتاجية لمصادر الدخل / المنشآت بأنواعها / هي ملك الوطن كما هي ملك الأفراد، فالسعي الجاد لتحقيق الاستفادة المتعددة الأوجه منها حال كانت تعمل، يجب أن يتواكب مع السعي الجاد لاجتناب فقدان تحقق هذه الاستفادة حال كانت لا تعمل، ومن المفترض بل والمتوجب أن تكون الجهات الفردية والمؤسساتية، الشعبية والرسمية، معنية بكلتا الحالتين، حقوق وواجبات.

من حق المتمعن بهذا الطرح أن يسأل إذا كان الدخل الذي حققه من يعمل /فرد أو منشأة/ يتيح فرصة اقتطاع أو تحصيل الضريبة المستحقة منه، فهل من الجائز فرض هذه الضريبة على من ليس لديه دخل – فرد أو منشأة – يتيح اقتطاع هذه الضريبة، وكيف سيتم اقتطاعها منه، وهنا أرى جواز بعض أوجه هذه الضريبة وضمان تحصيلها، باعتماد مجمل إجراءات بدءا من قيام وحدات الإدارة المحلية المعنية رسميا – صلاحيات وواجبات بكل ما يهم قطاعها – بإحصاء يبين قوائم بأسماء العاطلين فعليا عن العمل، كل وحدة ضمن قطاعها الجغرافي، حسب مؤهلاتهم العلمية والمهنية والعمل الذي يطلبوه، وأيضا قائمة عن كل نوع من المنشآت المتوقفة عن العمل تتضمن نوع الإنتاج والطاقة الإنتاجية وعدد العمال المطلوبين، مع ذكر أسباب التوقف،ومتطلبات التشغيل، وقائمة خاصة عن الأراضي الزراعية المهملة – مشجرة أو غير مشجرة – تتضمن اسم المالك والمساحة ونوع الزراعة القائمة أو الممكنة، وأن تقوم الوحدة بتنظيم ملتقى نصف سنوي بين العاطلين عن العاملين ومالكي المنشآت المعطلة، وتعمل على تنظيم تقاطعات تؤمن تشغيل بعض العاطلين في بعض المنشآت العاطلة بأجر أو استئجار أو استثمار، بعقود رسمية اتفاقية عبر الوحدة الإدارية لا تقل مدتها عن سنة، وفرض ضريبة عدم الإنتاج على كل عاطل عن العمل رفض عملا توفر له، وتتمثل هذه الضريبة عليه بشكل أولي باعتماد شطب اسمه من جداول العاطلين عن العمل، وأيضاً فرض ضريبة عدم إنتاج لا تقل قيمتها عن10 % من الضريبة المقدرة حال كانت المنشأة عاملة، على كل صاحب منشأة رفض تشغيل منشأته في ضوء ما توفر من مقومات تشغيل أولية، شريطة حقه بمطالبة الوحدة الإدارية بتعويضات رمزية حال كان التوقف ناجما عن عدم توفر بنية تحتية للعمل، مع حقه بمطالبة الجهات الأعلى الأخرى بتعويضات حال مسؤوليتها عن تعطيل عمل المنشأة أو تأخير استكمال تجهيزها لأية أسباب، شريطة قيام الوحدة الإدارية بمسؤولياتها الضامنة لاستمرار كافة المنشآت العاملة، والتنسيق مع الجهات الأعلى فيما يخص ذلك، والموافقة على الإعفاء الجزئي من الضرائب والرسوم تبعاً لأسباب التوقف – وليس الكلي كما هو معهود – عن كل منشأة توقفت عن العمل لأسباب قابلة للمعالجة لاحقا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن واقع المنشآت المتوقفة في المناطق المتضررة يختلف بشكل أو بآخر عن واقع المنشآت المتوقفة في المناطق الآمنة، ومن المؤكد أن اهتمام الوحدات الإدارية، سينصب بالدرجة الأولى على المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والقليل من المتوسطة، أما المنشآت الكبيرة فلها جهات أخرى معنية بها، والمصلحة الوطنية تقتضي المزيد من الاهتمام لتحفيز الإنتاج في ضوء استثمار المتاح وممارسة الممكن.

  • البعث – عبد اللطيف عباس شعبان – عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

إقرأ أيضاً:

مهلة تحت طائلة الغرامات..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]