وزارة مهددة بـ “الغثيان” من كثرة الدوران..هل نيأس من دور إنقاذي منتظر ..؟؟

الخبير السوري:

لا نظن أن الحراك شبه البروتوكولي لمسؤولينا التنفيذيين ، سيكون ذو جدوى إن بقي على ماهو عليه ، لا سيما في بعده الاجتماعي و مقاصد الملامسة “الدافئة” لهواجس صعبة أنتجتها الأزمة ويوميات الحرب على سورية.

فبعيداً عن الدور التقليدي لوزارات الدولة و أعمالها المنبثقة من اللوائح الناظمة لمهامها ، تبدو اليوم أمام مهام خاصة – استثنائية – لا تستوي سيرورتها إن بقيت الوزارات المختصة غارقة في دوامة الدور و “تقليع الأشواك” في الميدان ، متخلّية عن أهم خاصية وهي تلك المتعلقة بالدور القيادي ، أي الإشرافي الذي نصرّ على تسميته بـ “القيادي” وفق إملاءات الظرف الصعب.

وهنا نقفز مباشرة إلى حصّة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، كأكثر وزارات الحكومة تماساً مع التشوهات التي خلّفتها الحرب ، بدءاً من اتساع رقعة الفقر ووصولاً إلى أسر الشهداء و الجرحى و المعنيين بسلسلة أزمات اجتماعية وليدة السنوات السبع المنصرمة .

ولا نخفي أن سبب مقاربتنا لهذا الموضوع ، كانت زيارة السيدة ريمة القادري وزيرة “الشأن الاجتماعي” إلى محافظتي طرطوس واللاذقية ، و محاولة إحداث علامة فارقة في الإنجاز ، عبر الظهور من نوافذ واسعة ، كانت مفتوحة على مصراعيها منذ زمن ، فلاهي أغلقتها و لا غيرت في المشهد الظاهر منها ، بل كانت مجرد إطلالة زادت الأفق ضبابية ..تجربة التنمية الريفية في ألتون الجرد ، وبيت الجريح في بيت ياشوط ، ومبنى قيد الإنشاء للتأمينات الاجتماعية في اللاذقية.

ولعل مثل هذا السرد سيحفز سؤالاً مغلّف باحتمالات الإحراج  لنا ، ستدفع به السيدة الوزيرة نحونا ، وهو ما الذي على الوزارة فعله ولم تفعله..؟؟

الواقع أننا نرمي إلى تقديم رأي داعم لعمل الوزارة و دورها الحساس ، وليس الانتقاص من دورها الذي نجده بالغ الأهمية في سياق خصوصية هذه المرحلة الصعبة ، وحجم الجراح الهائل الذي سيظهر على السطح بعد أن تحزم الحرب والأزمة حقائبها وترحل .

فدور وزارة الشؤون الاجتماعية يبدو قيادي – مجتمعي من الآن فصاعداً أكثر مما هو تنفيذي ، في ميدان بالغ التعقيد لا يجوز أن تكون فيه الوزارة منفردة بمهامها ، كيدٍ وحيدة تحاول عبثاً التصفيق وحسبها أن ترفع العتب ، أما حسبنا نحن فأن لا يكون رفع العتب آخر غايتها وخلاصة مسعاها.

الشأن الاجتماعي اليوم بات بأمس الحاجة لتكافل مجتمعي وليس مجرد ذراع حكومية تتلمس الأوجاع ، فبيت الجريح في بيت ياشوط هو حالة علاجية مجتزأة لمشكلة الجرحى ، لا نظن أن جرحى باقي المناطق في اللاذقية وطرطوس وحماه وحلب ، سيكونون معنيين بخدماته الافتراضية ، وهذا يعني أن الوزارة وضعت بصمة وحيدة اختارت “بيت ياشوط” لتظهيرها ، والحال ذاته بالنسبة لتجربة التنمية الريفية في ألتون الجرد ، فلا قيمة مضافة ستحققه هذه التجربة في حل مشكلات باقي مناطق الريف السوري ، ولا نعتقد أن الوزارة كذراع حكومية قادرة على استنساخ المحاولتين على امتداد الجغرافيا السورية .

هنا يبدو السؤال الحساس ..ماهو البديل ، أو المكمّل لعمل الوزارة ..؟؟

أما الجواب فنظنه ليس بغائب عن أذهان أصحاب النظر البعيد ، و يتعلق بخلق نواة ممأسسة لدور مجتمعي واسع الطيف ، “أبطاله” ميسوري المجتمع السوري أفراداً ومؤسسات ، ولا نخرج هنا عن إطار الواجب ، ليس الوجداني وحسب ، بل الواجب الوطني ، الذي يجب أن يضطلع به الجميع في مثل هذه الظروف غير التقليدية.

يكفي أن تحسن وزارة “الشؤون” تخطيط هذا الدور المجتمعي ، ووضع كروكي شامل لهذا المشروع المتكامل الذي ما زال الأمل يسكننا بأنه سيرى النور قريباً ، ففي ذات المناطق التي تتفاعل فيها سيناريوهات المعاناة والفقر والجوع ، ثمة قلّة من الميسورين المتفرّجين على دوران وزارة الشؤون في دوامة محاولات الإغاثة والإنقاذ وترميم أوجاع المتوجعين ، ومثلهم شركات قطاع أهلي نأت بنفسها تماماً عن أي دور اجتماعي في بيئة التوجع ذاتها التي كانت مسرحاً لتدفقات عائدات و أسباب نمو سخي ، فهل تبقى الوزارة وحيدة في مضمار الإغاثة ، وهل من الحكمة الاكتفاء بطبع بصمات باهتة هزيلة لا تغني ولا تسمن ..؟؟

ننتظر من الوزارة والسيدة الوزيرة البقاء هنا في دمشق ، وتشكيل فريق فني ماهر يعكف على اجتراح آلية أو خطة إنقاذ مجتمعية ، تضمن توزيع الأدوار بين كل ذوي القدرة والإمكانية ، فثمة دور إلزامي وليس اختياري ، يجب أن نجد طريقة ما أو خارطة مهام ملزمة ، يجري إعلانها و إتباعها بلوائح بيضاء وسوداء تعلن في وسائل الإعلام بشكل دوري أسبوعي أو شهري أو نصف سنوي ، و “الكونترول” بيد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

تعليق 1
  1. عبد اللطيف شعبان يقول

    رؤيا جديرة بالتمعن بها .. ولبكن مع الأسف كثير من الطلقات لم تصوب على الهدف المطلوب

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]