جدل جديد حول مكفوفي اليد في المصارف العامة

الخبير السوري:

لا أحد يعلم مصير الموظفين الذين تمّ كفُّ يدهم عن العمل في المصارف العامة على خلفية ملف القروض المتعثرة، وتكاد الإجابات عن هذا السؤال محصورة بعبارة صغيرة وهي أن لجان التحقيق هي من تقرر ذلك بناءً على ما ستتوصل إليه نتائج التحقيقات التي بدأت منذ حوالي عام تقريباً.

ويبدو أن تعتيماً مطبقاً على هذا الأمر سواءً من قبل لجان التحقيق التي ترفض الإدلاء بأي معلومة عما توصلت إليه من نتائج أو من خلال إدارات المصارف التي تكتفي بالقول: إنها لا تعلم شيئاً.

لقد مضى عام تقريباً على صدور قرارات كف اليد التي طالت حوالي 53 موظفاً مصرفياً بمناصب مختلفة، وهم منذ ذلك الحين لا يتقاضون أي أجر، وأغلبهم، بحسب المصادر، يعانون ضائقة مادية، ومع استمرارها فإن ذلك سيزيد أوضاعهم سوءاً، مع الإشارة إلى أن ما يتم تداوله في كواليس المصارف العامة بين الموظفين نقلاً عن بعض ممن تم استجوابهم من مكفوفي اليد يلمح إلى عدم ضلوع البعض منهم بأي تجاوزات في منح القروض، وهو ما أكده أحد المديرين المكفوف يده لـ »تشرين» مفضلاً عدم ذكر اسمه وتم استجوابه بقوله: أن الملاحظات التي وضعتها لجان التدقيق في ملفات المقترضين المتعثرين وتم الاستجواب بخصوصها هي ملاحظات عادية ولا تنطوي على أي تجاوزات، مستغرباً في الوقت نفسه تطبيق إجراء كف اليد عن العمل.

أحد أعضاء لجان التدقيق فضّل عدم ذكر اسمه لم يخفِ عنّا معلومات تؤكد أن تقريراً رُفع خلال شهر تموز من العام الماضي إلى رئاسة مجلس الوزراء يوضح الأخطاء والتجاوزات المرتكبة من قبل الموظفين المكفوفي اليد، وقال: إن المصارف العامة بصورة هذه المعلومات، وهي معروفة للجميع، لافتاً إلى أن الرد على التقرير والذي لم يؤكد فيما إذا كان جزئياً أو كلياً جاء بالتريث، وفي الوقت نفسه كشف عن أن لجان التدقيق لم تقدم أي مقترح بكف يد هؤلاء.

وحال هذا الموظف هو حال جميع الموظفين الذين طالتهم قرارات كف اليد، والذين ينظرون إلى هذا الإجراء الذي عُدّ احترازياً خالياً من النظرة الاجتماعية لأنه ينعكس سلباً على الناحية المادية والمعيشية للموظف فضلاً عن التشهير به والإساءة إلى سمعته، وهنا يؤكد المحامي فيصل سرور أن كف اليد هو إجراء احترازي وإجرائي وليس قراراً قضائياً نهائياً، فضلاً عن أنه قابل للطعن أمام القضاء الإداري وقابل لإبطاله، مشيراً إلى أن قرار كف اليد لا يجوز بناؤه على الشكل والتخمين، بل يُطبق بوجود أدلة تصل إلى مرحلة اليقين بناءً على تقارير رقابية داخلية أو تقارير صادرة عن أجهزة الرقابة والتفتيش، وأضاف أن القانون وضع ضوابط لمنع التعسف في استخدام هذا الحق، وأجاز العودة إلى القضاء للطعن فيه كذلك رفع دعاوى التعويض عن القطع الذي تسبب بضرر للغير وأوجب من ارتكبه التعويض، وهو ما يسمى بالمسؤولية التقصيرية.

ومن جانبه، أوضح وزير المالية مأمون حمدان أن التحقيق سيأخذ مجراه، ومن ثم سيذهب إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وعند انتهاء التحقيق في هذا الأمر ستتم معرفة الأمور الخاصة، وعن صدور تقرير أولي خلال العام الماضي يوضح تجاوزات مكفوفي اليد وجاء الرد بالتريث، قال حمدان: لم يصدر هذا القرار من وزارة المالية لأن هذا الأمر يتم عن طريق تحويل رئاسة مجلس الوزراء القرار للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية حيث تتم مخاطبة الجهة التي بعثت القرار والتي هي رئاسة مجلس الوزراء، لافتاً إلى أن دور وزارة المالية في هذه القضية هو الدعم بشكل إشرافي وجزئي، والجزء الآخر يقوم به مصرف سورية المركزي، لكن المصارف هي هيئات مستقلة إدارياً ومالياً وللمصرف مجلس إدارة ومدير تنفيذي فالمسؤولية الأساسية موجودة لديهم بالدرجة الأولى.

وعن قانونية قرار كف اليد أوضح حمدان أنه قانوني بموجب قوانين موقعة ومصدقة أصولاً وإلا من يتحمل مسؤولية كف اليد، والذي يتبين أنه ليس له يد في القضية سيصار إلى إعادته للعمل، لكن هم مدانون إلى أن تتم تبرئتهم، لافتاً إلى أن اتهامهم لم يأت عن عبث لو لم يكن عليهم شيء أدى إلى إيقاف رواتبهم.

إن قرار الحكومة بفتح ملف القروض المتعثرة كان إيجابياً لكونه يحقق هدفين في آن واحد، الأول إعادة حقوق المصارف التي هي حقوق المودعين من الأموال التي مُنحت كقروض، والثاني محاسبة المتورطين الأساسيين في تجاوز تعليمات المنح وخلق هذا النوع من الفساد المصرفي، ولكن إلى متى سيبقى مصير مكفوفي اليد مجهولاً، ألم يحن الوقت للنطق بكلمة الفصل بحقهم..؟

المصدر: تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]