أملاك الدولة و “لعنة “المال السائب”..؟!!

 

تشكل “أملاك الدولة” رصيداً لا يمكن الاستهانة به من حيث كونها أصولاً ثابتة ذات فوائد وعوائد متحركة تتعاظم مرابحها مع الزمن، هذا عدا الاعتبار المتعلق بوجود وقوة وهيبة الدولة ومؤسساتها على أنها مالك ويتمتع بالغنى والقدرة على إدارة الأنشطة والعمليات الاقتصادية والتجارية والإنتاجية والخدمية وبالشمولية والكفاءة المطلوبة، وليس كما يتصور البعض على أنها “مالك ضعيف” أو “تاجر فاشل” أو “صناعي  خاسر” كما يروجون ويدعون ويشيعون كأفكار مسمومة تهدف “إسقاط فخامة الدولة” من عيون المجتمع والمواطن، وبالتالي فتح الطريق على اللاهثين لإقصاء دور المؤسسات ودخول أفراد أو جهات خاصة مكانها في إفساح مشبوه يؤذي “الجمهورية” الأم؟!.

ولغير العارفين فإن بند أملاك الدولة لا يقتصر فقط على المؤسسات والشركات والعقارات والأهم الأموال، بل والأراضي والمساحات من الهكتارات التي تصل إلى ما يزيد عن “25478392” هكتاراً أدرجت منذ عقود طويلة تحت قانوني الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية، وهنا كان للفلاح وصغار المزارعين الحصة الأدسم في هذا المكسب الذي ضمنته ثورة آذار 1963 وما يطلق عليه الأراضي المستولى عليها أو المؤممة.

اليوم أملاك الدولة في خطر فاستغلال انشغال الجهات المختصة والمعنية بالحرب وتداعيات مكافحة الإرهاب على أشدها، حيث التعدي على العقارات العامة من مرافق ومساحات، عدا المزيد من الأراضي الزراعية أكثر من أي وقت مضى.

فمساحات كثيرة من الأراضي الزراعية تعرضت للتعدي من جانب تجار وسماسرة شريحة من المزارعين وغيرهم، ورغم تحرير محاضر مخالفات لهؤلاء المعتدين طبقاً للقانون، وصدر بها قرارات إزالة فإنها لا تزال “صورية” ووزارة الزراعة أصدرت قراراً حددت بموجبه القواعد والأسس الخاصة بتأجير أراضي الدولة الزراعية (أملاك دولة- استيلاء)، هذا ما دفع لاتخاذ قرار بحرمان نحو 135 منتفعاً لمخالفتهم شروط الانتفاع بالتوازي مع حملة لإزالة التعديات والتجاوزات في العديد من المحافظات والتي شهدت إساءة التصرف بـ 46791 دونماً وكانت النوايا تحصيل المبالغ المتوجبة كبدل أجر علماً أن جل ما هو مؤجر من المساحات 298981 هكتاراً.

دعاوى قضائية “أكثر من الهم على القلب”حول أراضي أملاك الدولة، حيث تم لحظ تعديات كبيرة وكثيرة في أراضي البادية وغيرها. هذا ما حرض البعض للمطالبة بتوزيع أراضي أملاك الدولة المؤجرة وأراضي الاستيلاء توزيعاً نهائياً على الفلاحين.

إذاً تعاني أراضي أملاك الدولة ما تعانيه من عقبات وصعوبات تقف عائقاً أمام استثمارها من قبل المزارع من جهة وحرمان الدولة من العائدات، كل ذلك يفضي إلى نتيجة واحدة مفادها أن الحفاظ على هذه الأملاك وصونها من أيدي المتعدين والعابثين والمستغلين بات استحقاقاً عاجلاً حتى لا يعتقد البعض أن حقوق الدولة وحرماتها وأملاكها وأموالها حلالاً في زمن المحرمات.

 

علي بلال قاسم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]