فرص المستقبل..دجاجة تبيض ذهباً لو أجدنا تدجينها!؟

 

طالما شددنا على موضوع في غاية الأهمية، وهو ربط مخرجات التعليم بأسواق العمل، إذ لم يعد يصلح أبداً الركون إلى الحالة الكلاسيكية الاستثمارية في مختلف القطاعات، وبالتالي الاعتماد على ما ندرّسه من علوم اقتصادية، أضحت وبحكم تقادمها وعدم مواكبتها لأحدث العلوم والأبحاث والدراسات من التخلف، ما يجعلها عاجزة عن مواكبة متطلبات الاقتصاد العصري المتطور في علاقاته وحساباته وأفكاره وفرصه.

فعلى سبيل المثال، لو أردنا تقويم قطاع التأمين في سورية بشكل عام، لوجدنا أنه لا يزال بدائياً مقارنة بالتطورات والمتغيرات التي شهدها هذا القطاع خلال العقدين الأخيرين، ولوجدنا أننا حالياً بدأنا بمقاربته كصناعة تعد من أهم الصناعات من حيث التوظيفات والعائدات والفرص التشغيلية.

هذه الصناعة والتي يمكنها أن تكون من أهم القطاعات الداعمة تمويلاً للمشاريع الاستثمارية الحكومية وغير الحكومية، والمؤثرة كثيراً في دعم أسواق الأسهم لقابليتها للتواجد فيها كشركات مساهمة ذات جدوى اقتصادية عالية، بحاجة لبنى تشريعية ما زلنا نعمل عليها حتى تاريخه، وكذلك بحاجة لتحديث وتطوير في المناهج العلمية والتعليمية، خاصة العليا..!.

وهنا يحضرنا ما أعلنته هيئة الإشراف على التأمين من الحصول أخيراً على إدخال درجة الماجستير في التأمين إلى جامعة دمشق، ما يعني أننا لم نتمكن من إعداد الكوادر المتخصصة والمدربة المطلوبة لسوقنا التأميني، كما يعني أننا لا نملك بعد تلك المناهج القادرة على تأمين ما تحتاجه السوق رغم حاجتها الماسة الشديدة لها..!.

ولكون وجود العلوم سابق للأعمال، بمعنى أن العلم مولِّد للعمل لا العكس، فنعتقد أن مبادرة هيئة الإشراف على التأمين، لإحداث درجة الماجستير في التأمين هي خطوة تحسب لها، في الوقت الذي كان من المفترض بوزارة التعليم العالي تأسيس وإنشاء الفروع الخاصة بذلك ودعمها بأحدث العلوم والكفاءات العلمية التأمينية..!.

ويزداد استغرابنا لقصورنا العلمي والبحثي حين تعلن الهيئة أيضاً عن دراسات إكتوارية في قطاع التأمين، أو ما يسمى إدارة المخاطر المالية أو “العلوم الإكتوارية”.

ولتبيان أهميتها الكبرى.. فهي نوع من العلوم التي تختص بالمستقبل، وتعتمد على مبدأ تخمين المخاطر، وذلك عن طريق استخدام الطرق الحسابيّة والإحصائيّة في تقدير “حجم المخاطر” في مجال الصناعات الماليّة والتأمين، عن طريق دراسات ومباحث علميّة في هذا المجال، يقوم بها فئة من المؤهلين علميّاً وذوي الخبرة.

ومن أشهر التطبيقات على هذه الدراسة “جداول الحياة والوفاة” المستخدمة في شركات التأمين، بالإضافة لهذا تضم هذه الدراسة العديد من العلوم والمواضيع والتي تتمحور حول المستقبل، وقد ازداد الإقبال على دراسة هذه العلوم، وذلك بعد نشر عدة دراسات وتقارير تشير إلى أهميّة تلك الوظيفة باعتبارها “وظيفة المستقبل”، لزيادة الطلب عليها في قطاع التأمين، ومؤسسات الضمان الاجتماعي، والشركات الماليّة، وصناديق التقاعد والمعاشات، والشركات الاستثماريّة.

هذا وناهيكم عن الطلب الكبير على “الإكتواريين” في الوظائف المختلفة، وعن الراتب الشهري الذي يحصل عليه المختص بهذا العلم، حيث يصل لعشرات الآلاف من الدولارات وأعلاها في قطاع التأمين، والمقصد أن مثل هؤلاء الخريجين يشكلون ثروات علمية ومالية..، فأين نحن منها..؟!.

هامش: لا يوجد “إكتواري” واحد في سورية.. وفقاً لمصدر رسمي تأميني..!.

قسيم دحدل –البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]