مفاجآت على ألسنة الصائدين في المياه العكرة وملف القروض المتعثرة..

 

الخبير السوري:

لعلّ إثارة ملف القروض المتعثرة والتركيز عليه، ومن ثم خفوت الحديث فيه كثيراً على الأقل إعلامياً، يشي بأحد أمرين لا ثالث لهما، إما أنه في خواتيمه، ما يعني الوصول إلى مرحلة من المعالجة المَرضيّ عنها حكومياً، أو أنه وصل مرحلة وضعت متابعيه أمام خيارات أحلاها مرٌّ، ما أدى “لكربجة” محرك إنهائه بالشكل والمضمون المتناسبين مع الخصوصية التي تحكم الحالة الاقتصادية الوطنية.

لكن السؤال البسيط والبديهي الذي يغمز به عدد من المصرفيين: لماذا لا يتمّ تطبيق القوانين النافذة في هذا الشأن..؟، يثير الحفيظة ويجعل السؤال نفسه محطّاً للتخمين في مقصده الحقيقي ومراميه المفتوحة الاحتمالات؟!.

و يتعزز ما تقدّم، حين يهمس لنا بعضهم بمعلومات (تلميحاً لا توضيحاً) الغاية منها دفعنا نحو دلالات بعينها، وما يؤكد ذلك اقتطاعهم لجزء من محاضر اجتماعات وتقديمها لنا ليثيروا عندنا توجسات بأن وراء الأكمة ما وراءها!!.

فعندما يقولون: بالنسبة لحقل الضمانات الموجودة في الجدول، هو عبارة عن عقارات مرهونة لصالح المصرف بتأمين من الدرجة الأولى، موثقة بشهادة حق عيني لأمر المصرف وقيمتها أعلى من قيمة القرض..، لا شك لهم غاية.

وعندما يتخلّف المقترض عن دفع الأقساط المترتبة عليه (أي على المقترض)، يقوم المصرف بتقديم شهادة الحق العيني لدوائر التنفيذ لدى المحاكم لتسييل هذه الضمانات، وتبدأ الإجراءات القانونية من الأصول القضائية للمتابعة، وليس للمصرف أية إمكانية للتدخل للإسراع بعملية بيع الضمانة المرهونة لصالحه، لا شك أن هناك رسائل مبطنة من وراء ذلك؟!. لكن عندما نسأل عما يريدون من وراء ذلك..؟، يأتي مقترحهم ليبيّن المراد، حيث يطالبون بإتاحة الإمكانية للمصارف المُقرضة لنقل ملكية الضمانة لها، كون شهادة الحق العيني لأمر المصرف، لأن المقترض كان قد قام أمام أمين السجل العقاري برهنها لصالح المصرف الذي اقترض منه، مقابل القرض وفوائده.

وتأتي مطالبتهم المغلفة بصيغة السؤال لتزيد الصورة وضوحاً في المراد، إذ يتساءلون: لماذا لا تُعطى صلاحيات للمصارف ببيع تلك الضمانات المرهونة أصولاً، وهي تغطي القرض بشكل كامل وأكثر، ببيعها بالمزاد العلني ضمن الإجراءات التي حدّدها القانون (قانون أصول المحاكمات)، أو بيعها مباشرة أو نقل ملكيتها للمصارف..، وريثما يبيعها المصرف يمكن تأجيرها أو استثمارها..؟!، ما يعني استرجاع الحق وفق الأصول القانونية، وتحقيق إيرادات مالية جديدة إضافية للمصرف!.

أسئلة محقة ومن صلب القانون ووفق المعتمد تطبيقه في كل دول العالم وحتى في الأزمات، تنطوي على كثير من الاستهجان، خاصة وأن من يطرح ذلك من أهل البيت والاختصاص، والذين يؤكدون وجود إشكالية تتمثّل بالتأخير في الإجراءات، ويتساءلون: لماذا لا يتمّ التسريع بها طالما أنها حقوق للمصرف؟!.

كما لا يخفون الإشارة إلى ما هو قائم فيه من المتناقضات، أي في الوقت الذي تطالب به الحكومة بإنجاز هذا الملف والإسراع بتحصيل الديون (القروض المتعثرة)، يجدون أنفسهم مكبلين بالإجراءات، وحتى بعد أن شُكّلت اللجان وأُرسلت للمصارف لمتابعة الأمر وإيجاد الحلول، التي هي في الأصل موجودة!.

لكن اللجان – ووفقاً لما فهمنا- وقعت في مطب المثل القائل: “جبتك يا عبد المُعين لتعين، لكن بدك من يعينك”..، أي خلصت إلى التوصية بالمتابعة للموضوع!!.

أما المفاجأة التي استطعنا استنطاقها (ومن خلال تعمدنا تعثر الفهم..) ممن أرادوا لنا أن نكون واسطة لإيصال رسالتهم للحكومة، فكانت كشفهم عن العمل والإعداد على تأسيس “شركة خاصة للقروض المتعثرة”، هي حالياً في طور البحث عن الصيغة التشريعية المناسبة لتبرير ولادتها والنهوض بمسؤولياتها.

شركة ورغم تحفظنا وتحفظ المصرفيين كثيراً عليها، ورغم كل ما يمكن أن يقال في ماهيتها وقانونيتها ومن المستفيد منها..، لكننا وكرمى عيون “المتعثرة” قد نتقبلها، لكن بشرط واحد فقط أن تكون شركة مساهمة عامة..، أي أن تطرح 50% من أسهمها للاكتتاب العام.

 

قسيم دحدل

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]