الدولار “يتسلل” صعوداً..وتحذيرات من رضوض عدم استقرار السعر

 

الخبير السوري:

 

حينما انخفض سعر الدولار مقابل الليرة، تفاءلنا كثيراً ببدء استرجاع قيمتها ومكانتها مجدداً وخاصة مع الاستقرار الاقتصادي والأمني، كنا أول المرحبين بقرار المصرف المركزي مع التخوف من حصول ارتفاع مفاجئ يترك بصمته الثقيلة على المنتج المحلي وخاصة حركة الصادرات، التي بدأت تشهد تعافياً قد نختلف مع البعض على حجمه وأرقامه لكن تحسنه أصبح أمراً واقعاً ويبشر بالخير أيضاً، لكن تذبذب سعر الصرف اليوم سيكون له منعكس سلبي والمستفيد الوحيد منه المضاربون، لهذا مهما اختلفت المسببات حول الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار أمام الليرة سواء أكان مضاربات أو قرارات المركزي يفترض العمل على اتخاذ إجراءات عاجلة تعمل على استقرار سعر الصرف وحماية الليرة السورية من هذه المضاربات بغية ضمان استمرار تحسن الصادرات وضمان توجه المصدرين إلى المركزي وليس السوق السوداء، وبالتالي منع تأثير ذلك على الأسعار، خوفاً من معاودة موجة جديدة من الغلاء في ظل تحكم التجار بالسوق وقلة حيلة التموينيين، بعد أن استبشر المواطنون خيراً بانخفاض الأسعار وإن كان بمستويات قليلة.

استقرار لفترة محدودة

ارتفاع سعر الصرف إلى حدود 470 ليرة تقريباً بعد فترة محدودة من الانخفاض، الذي اشتكى منه وقتها التجار والصناعيون، سيكون له تأثير سلبي على المنتج المحلي والصادرات، أمر أكده محمد السواح رئيس اتحاد المصدرين، حيث يقول: الحكومة أدرى بإمكانياتها، والمصدرون مع سياستها في أي قرار تتخذه، لكن المطلوب اليوم للمحافظة على حركة الصادرات، التي تعد المصدر الأساسي للقطع الأجنبي، هو استقرار سعر الصرف وثباته لفترة محددة، والابتعاد قدر الإمكان عن الانخفاض أو الارتفاع المفاجئ، فالاستقرار أمر مهم لتثبيت العقود وخاصة أن العقود غالباً تكون عقوداً آجلة، فأي صناعي يحتاج إلى فترة أقلها شهران لتثبيت أي طلبية، لذا المطلوب أن يكون هناك ثبات لفترة محدودة، وليس هبوطاً أو ارتفاعاً كبيراً يدفع المصدر ثمنه، لافتاً إلى أن رؤية الحكومة تنصب إلى استقرار سعر الصرف، والمركزي يعمل على تحقيق ذلك من خلال سياسته، لكن عموماً مضاربات كبيرة هدفها تحقيق أرباح كبيرة، وذلك تسبب في حصول هذا التذبذب، الذي عززه بعض القرارات الأخيرة للمركزي، لذا يفترض وضع رؤية واضحة مع اتخاذ إجراءات مدروسة بدقة من أجل ضمان ثبات الدولار لمدة ستة أشهر، تسهم في عودة المصدرين إلى المركزي وليس إلى السوق السوداء، مشدداً على ضرورة إصدار قرارات جديدة تعيد الثقة إلى الليرة مع ثبات سعر الصرف بشكل يخدم الصادرات ويترك آثاره الإيجابية على المنتج المحلي عموماً.

خسائر كبيرة

تأثير تذبذب سعر الصرف على المنتج المحلي والصادرات أيضاً بينه طلال قلعجي عضو غرفة صناعة دمشق وريفها، الذي شدد على أن تذبذب وتلاعب المضاربين بسعر الصرف يؤثر في الصناعيين بنحو كبير، فانخفاض أو ارتفاع الدولار بهذه النسب التي تحصل اليوم يؤثر في الصناعي والمستورد ويؤدي إلى إلحاق خسائر كبيرة بهم، فمثلاً حينما يكون سعر الصرف 400 ليرة وفجأة يصبح 470 ليرة، سيؤدي ذلك حتماً إلى خسائر كبيرة تلحق بالمنتج المحلي، والعكس أيضاً وخاصة في السوق الداخلية، فحينما يشهد الدولار انخفاضاً معيناً تسارع وزارة التجارة الداخلية إلى مطالبة الصناعي والمستورد لتخفيض أسعارهما، دون مراعاة الخسائر التي طالت الصناعيين والمستوردين جراء هذا التذبذب، الذي اضطر المستوردين إلى الذهاب إلى السوق السوداء بدل المركزي من أجل تمويل المستوردات، لذا يتوجب إيجاد آلية معينة تضمن توجه المستوردين والمصدرين إلى المركزي بدل الذهاب إلى السوق السوداء، التي انتعشت مجدداً بسبب المضاربين، الساعين إلى تحقيق أرباح كبيرة على حساب المصدر والصناعي والمستورد.

وعند سؤاله بشأن وجود لقاءات مع المصرف المركزي من أجل العمل على إيجاد آلية معينة من أجل العمل على تلافي هذا الوضع، والحد من المضاربات، أكد عدم وجود أي لقاء مع المصرف المركزي ولكن حينما يتم التواصل معهم يؤكدون العمل على اتخاذ الإجراءات لضمان استقرار سعر الصرف لكن المشكلة في المضاربين، وهذا أمر لا نختلف عليه، لكن المطلوب حالياً إيجاد آلية واضحة من أجل ثبات سعر الصرف ومنع تقلبه المفاجئ، الذي يترك آثاره السلبية الكبيرة على الصناعة أكثر من الارتفاع المفاجئ.

لا مبرر لارتفاع الأسعار!

لا يتفق د.رسلان خضور استاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق مع فكرة أن ارتفاع سعر الصرف الحالي سيؤثر في الصادرات أو ارتفاع الأسعار، التي لم تنخفض أصلاً وإنما سُعرت على أساس 500 ليرة، وبالتالي لا توجد حجة لأي تاجر أو مستورد في رفع أسعار حتى مع ارتفاع أسعار الدولار، لكنه يوافق الصناعيين والمصدرين في نقطة مهمة تتعلق بضرورة عمل المصرف المركزي على استقرار سعر الصرف، وضرب يد المضاربين بقوة، منعاً من القيام بمضاربات تؤدي إلى جنيهم أرباحاً كبيرة مع إلحاق خسائر بالاقتصاد المحلي، مؤكداً أن الارتفاع أو الانخفاض الكبيرين غير صحيح، وقد نبّه الخبراء الاقتصاديون المركزي إلى هذا الأمر خلال الفترة الماضية، والأفضل العمل على تحقيق التخفيض التدريجي لسعر الصرف على أن يكون بنسب محدودة تتراوح بين 1-3% بحيث يكون التحسن ناجماً عن أسباب اقتصادية حقيقية.

الأهم ..استقرار سعر الصرف

وشدد د.رسلان على ضرورة العمل على استقرار سعر الصرف في الفترة القادمة حتى لو كان 500 ليرة أو أقل المهم الثبات على سعر محدد، لافتاً إلى أن المركزي يعمل على تحقيق هذا الأمر ومنع المضاربين من التحكم بالسوق على خلاف فترات سابقة لكنه لا يستطيع القيام بذلك وحده وإن كان اللاعب الأساسي والمسؤول عن وضع السياسة النقدية، لكن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً أساسياً في تحديد سعر الصرف كحركة الإنتاج والصادرات والحد من الاستيراد، لذا يفترض العمل مع جميع الجهات على تحديد سعر صرف مستقر يترك آثاره الإيجابية على المنتج المحلي والصادرات والاقتصاد عموماً، ليعود ويؤكد نقطة هامة جداً برأيه تتمثل في محاسبة أي تاجر محاسبة شديدة عند رفع أسعار منتجاته بحجة ارتفاع سعر الدولار، لأن قيامه بهذا الأمر غير المبرر وفيه أضرار كبيرة على الاقتصاد المحلي بغية تحقيق مكاسب شخصية، وهنا الإجراء الصحيح برأيه ليس مراقبة الأسواق والضبط هنا وهناك ومعاقبة التاجر معاقبة بسيطة من قبل التجارة الداخلية، فهذا لن يؤدي إلى أي نتيجة وإنما يتوجب العمل على تحقيق المنافسة في الأسواق والحد من المحتكرين، ما يستلزم قيام مؤسسات الدولة بالتدخل مباشرة عبر الاستيراد من دون وسطاء.

المصدر : تشرين – رحاب الإبراهيم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]