الصدمة التي أربكت وزارة المالية..ماذا بعد دوامات التلاعب في الجسد الجمركي..؟؟

 

دمشق – الخبير السوري

لا يزال الحديث مستمراً ومنذ عقود حول قضية التلاعب بالبيانات الجمركية للمواد والسلع المستوردة وحتى المعدّة للتصدير، وما تسبّبه هذه القضية في الحالات كلها من ضياع لملايين الليرات على الخزينة العامة، لصالح ما يكسبه التّجار المستوردون من جيوب المستهلكين جراء بيع تلك المواد والسلع بأسعار مرتفعة جداً، مقارنة بسعر تكلفة استيرادها. وبحسب بعض المعنيين في وزارة المالية فإن مشكلة التلاعب بالبيانات الجمركية أصبحت ظاهرة منتشرة بين التّجار، يتباهون بها دون رادع حقيقي يضع لهم حدّاً يساهم بالتقليل من انتشار هذه الظاهرة من خلال المعالجة وإيجاد الحلول الرامية لجهة التطبيق والتنفيذ، كإصدار نظم الأتمتة والفوترة دون الاكتراث بحجج التّجار الواهية، والمتمثلة بصعوبة تطبيق نظام الفوترة في ظل عدم استقرار سعر الصرف، إلى جانب عدم توفر بيئة مناسبة  لتطبيق الفوترة حالياً، مستغلين تواطؤ بعض المعنيين المساندين لهم واحتجازهم لمشروع قانون الفوترة والمعدّ منذ سبع سنوات.

الحدّ من التلاعب

وأمام إشكالية التلاعب بالبيانات الجمركية، يوضح مدير جمارك دمشق سامر سعد الدين أن الإدارة العامة للجمارك عملت على اتخاذ العديد من الإجراءات الكفيلة بالحدّ من التلاعب بالبيانات الجمركية، منها إصدار تعرفة جديدة تضمنت توحيد الرسوم المالية المفروضة على السلع والمواد، إضافة إلى تشكيل لجان تقوم بالتحقق من القيمة المالية المصرّح عنها، مشيراً إلى أن الآلية المتّبعة في تنظيم البيان الجمركي تعتمد بالمقام الأول على تحديد نوع البضاعة ومواصفاتها، ولائحة مفرداتها الكاملة المرفقة بالبيان، ومن ثم تحميل البضاعة بعد أن يتمّ أخذ عينات منها للتحليل المخبري ضمن مخابر الجمارك، لتأتي مرحلة التحديد فيما إذا كانت البضاعة مطابقة أم غير مطابقة للمواصفة المعتمدة، وذلك من خلال اعتماد لائحة المفردات والفاتورة، إلى جانب شهادة المنشأ والبيان الجمركي وغيرها من الوثائق، لافتاً إلى أن الشروحات المرفقة بالبيان الجمركي المتضمنة وثائق وأوراقاً رسمية هي من اختصاص ومهام الجمارك، وليس التاجر أو المخلّص الجمركي، مبيناً أنه يترتب على التاجر التحقّق  من هذه الشروحات والتدقيق فيها عند قبول البيان الجمركي من المخلّص، وأن مسؤولية المخلّص الجمركي تنتهي عند خروج البضاعة من الحرم الجمركي، حيث يكون التاجر قد أنجز المعاملة ودفع الرسوم الجمركية المستحقة عليه، حيث لا يسأل المخلّص بعدها عن أية مخالفة أو عدم مطابقة البيان الجمركي لواقع البضاعة، إلا في حال تقديم المخلّص وثيقة مغايرة للبضاعة ولبنودها، مشيراً إلى أن المخلّص هو موظف جمارك وهو خبير أكثر من الجمركي نفسه ومسؤول عن أعماله.

وأضاف سعد الدين: إن عمل الضابطة الجمركية يتمحور داخل البلد، فهي تعتمد على الشك قبل طلب البيان الجمركي، وهي تضع البضاعة بين أيدي لجنة مختصة مؤلفة  من الجمرك والكشاف ومهندس مختص أو أي شخص آخر مختص وذلك حسب نوع البضاعة، إذ إن مهمّة هذه اللجنة الكشف عن البضاعة بعد أن يقدم التاجر دفوعاته والوثائق المؤيدة لحقه، لتخرج اللجنة بنتيجة إما مطابقة أو غير مطابقة، ويمكن أن يطال الضابطة الإنذار أو التنبيه في حال كانت البضاعة غير مطابقة ونظامية.

بيانات مزورة

رئيس جمعية المخلصين الجمركيين بدمشق إبراهيم شطاحي أوضح أن المخلّص يقوم بتنظيم البيان وفق الأوراق المقدمة له من قبل صاحب العلاقة سواء المصدّر أو المستورد، موضحاً أنه لاعلاقة للمخلّص بموضوع التلاعب بالبيان على الإطلاق، واصفاً المخلّص بالخبير الذي تقع على عاتقه مسؤولية التوضيح والشرح للتاجر والصناعي لكل ما يخصّ مستورداته وصادراته إضافة إلى تعليمات الجمارك، فالمخلّص الجمركي -بحسب رأيه- ليس معقب معاملات بل هو بمثابة صاحب الإرسالية. وأوضح شطاحي ضرورة تهيئة الظروف المناسبة لتطبيق قانون الفوترة والشكل المطلوب لإبراز الفواتير وتداولها ومتابعة نتائج نظام الفوترة، لافتاً إلى أن سبب تقصير التاجر في تقديم الفواتير النظامية أمام الدوائر التموينية لتسعيرها هو عدم وجود بيان جمركي سليم، بالإضافة إلى كثرة القرارات من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مؤكداً أن عدم تداول الفواتير سيؤدي إلى فوضى الأسعار في الأسواق المحلية، وأن مواجهة ذلك تكون عبر بناء قواعد تطبيقية لنظام الفوترة والبدء بالإصلاح الضريبي، مركزاً على ضرورة تعديل المادة 18 من القانون 24 لعام 2003 التي يُبنى عليها التكليف الضريبي، معتبراً أن نظام الفوترة يحقق توازناً بين مصلحة التاجر والدوائر المالية.

مشروع قانون

يُذكر أن قانون الفوترة لا يزال عبارة عن مسودة مشروع معروض على الجهات الوصائية منذ عام 2010 ولم يصدر لتاريخه، وتتضمن مسودة المشروع تداول الفاتورة لأصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والخدمية، على أن يكون شكل الفاتورة واضحاً ومحدّد المعالم حتى لا يترك مجالاً للتأويل كتوضيح “اسم البائع– اسم المشتري– أرقام الهاتف– الكميات والأصناف المباعة– الوصف– الوزن– السعر– السعر الإجمالي– التفقيط”. أما بالنسبة لشكل الفاتورة السياحية فيحدّد باتفاق بين وزارة المالية والسياحة.

 

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]