حرب مصالح “دامية” في سوق الفوركس السوري…وتساؤلات “بالنسبة للبلد شو”…؟؟؟

 

الخبير السوري:
ليس للغة المصالح الفردية ولا القطاعية ترجمة في “قواميس الوطنية”، فهنا ثمة دلالات شديدة الخصوصيّة لا تعترف ببراغماتيّة التاجر، ولا بتحزّب السياسي، ولا بخيالات الأديب ورومانسيّة الفنّان، فالمصلحة الوطنيّة العليا هي العنوان العريض المفترض في كل إجراءات الحكومات والدول، وإن كان لابد من بعض التجلّيات “الجراحيّة” التي تلفح وربما توجع أحياناً، فغالباً القرارات الجراحيّة ليست ذات شعبيّة، حتى للمعنيين بها كخيار إسعافي أو إنقاذي.
هي مسلّمات لم نكن بحاجة لاستحضارها، لولا صدمة – على ريبة، اجتاحتنا كما كل مراقب لفصول جرعة زائدة جداً من الجرأة، أبداها المنافحون عن الدولار، في مواجهة قرارات الانتصار لليرة السورية، وكأننا أمام صكوك اعتراف بالمسؤوليّة عن تأزيم وضع ليرتنا طيلة سنوات الأزمة، وثّقها المتضرّرون – المتذمرون على الملأ، أو ليس الصراخ دليل ارتكاب في الأدبيات الشعبيّة، التي تقول: “إذا كنت بريئاً فلمَ كل هذا الصراخ” ..؟!!
وليعذرنا من سينكأ مشاعره مثل هذا الاستنتاج، الذي لا نظنه مجافياً للواقع، فـ”ليرتنا هويتنا” ليست مجرّد مقولة جوفاء يطلقها الأغنياء المتخمون مع تجشؤاتهم على موائد الترف، و في حفلات المزايدة وطقوس تأكيد الانتماء والولاء الوطني، وإنما حقيقة لا تقبل التجيير في أسواق “الفوركس” والمضاربة السوداء، حيث لا مكان لتطبيقات القاعدة النفعيّة البغيضة التي تبرر الوسائل بالغايات.
الواقع إن بدء تعافي الليرة هو المؤشّر الأهم على دخول البلاد عتبة مضمار التعافي الواعد بآفاق متجددة، هي ذاتها التي ننشدها جميعاً، فقوّة أي عملة محليّة ترتكز على معززات اقتصادية كشرط لازم، إضافة إلى مقومات سياسيّة بما فيها البعد الأمني، وفي هذين المسارين نبدو أمام حصاد إنجازات وافر، هو ما نلخصه بمصطلح “الانتصار” الذي من المفترض أن تنحني له الهامات مهما تضخمت وتورّمت، فالانتصار حالة وطنيّة لا يمكن اختزالها بخزنة متموّل، أو جيب تاجر أو أهواء مضارب أثرى على مصائب الغير.
ما يثير الهواجس في حالة “الهيجان” التي أحدثها قرار القفزة المديدة في التخفيض الإداري لسعر صرف الدولار وباقي العملات أمام الليرة، هو ضوضاء التشويش التي جرت وتم توليفها باتجاه مقصورة القرار الحكومي، وهذا من شأنه أن يؤثر على مجريات الإدارة الاقتصاديّة في هذه المرحلة الحساسة، وقد كان لافتاً أنّ اتحادات قطاع الأعمال تلافت كل التنازعات العميقة بين مصالحها، وتوافقت – ونادراً ما تتوافق – على ضرورة لجم صعود الليرة ..؟!
في الأدبيات النقديّة ثمّة ميزان افتراضي تقدّره الإدارة المتخصصة وليس مصالح نخب المال، يوازن بين العتبة السعريّة المناسبة لإنعاش تدفق الصادرات، والأخرى المتعلّقة بمتوسط دخل الفرد ومعدلات الربحيّة الوطنيّة، وعلى هذا الأساس يتم إقرار السعر الأنسب لصرف الليرة.
وهذا يعني أن قيمة ليرتنا على موعد مع ارتفاعات جديدة على حساب الدولار وسلّة العملات الأخرى، لأن المعطيات الجديدة تتواتر لصالح عملتنا الوطنية التي باتت في المسار الراجع من أزمتها و أزمة بلد وشعب بأكمله، فهل سنكون على موعد مع صراخ جديد، وضوضاء يحدثها بكّاؤون شكّاؤون يندبون من نعمة خروج بلدهم من مأزقها، غير آبهين لحقيقة أن “رفس النعمة” من الكبائر في أعراف من هم قوام سوق الاستهلاك و”وقود” إنتاج الثروات ؟؟

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]