الحكومة تعلن حصاد أولوياتها الإنتاجية من “مجمعات” عدرا بريف دمشق.. انتعاش جديد يؤشّر لـ”سورية ما بعد الأزمة..

 

لاشك أنه ليس من قبيل الصدفة أن تكون المنطقة الصناعية في عدرا “تل كردي” أولى محطات الوفد الحكومي في جولة ترأسها رئيس الوزراء المهندس عماد خميس اليوم إلى محافظة ريف دمشق، إذ أن ثمة اعتبارات جعلت من “تل كردي” محطة بارزة حظيت باهتمام حكومي تكلل بطلب رئيس الوزراء أن يكون سقف الحوار مع صناعييها مفتوحاً، وتتعلق هذه الاعتبارات بالدرجة الأولى بإصرار حكومي على معاودة جميع معاملها ومنشأتها الـ”137″ للإنتاج خلال ثمانية أشهر كحد أقصى، كونها وفق توصيف رئيس الحكومة تشكل نواة “الاقتصاد الحقيقي”، وكان لها دوراً بارزاً بالتصدير قبل أن يصيبها الدمار.

مشيراً خلال لقائه مع صناعييها ومستثمريها إلى أن الحكومة أخذت على عاتقها أن تكون دائماً مع المواطن المنتج، كما نظيره المستهلك، مشدداً على أن الدعم الحكومي سيطال كل مستثمر جاد وأن الحكومة لن تدخر جهداً بتأمين متطلباته، طالما أن الإنتاج هو الهدف، وأنها منفتحة على كل أصحاب المنشآت لوضع خارطة طريق قابلة للتنفيذ.

رأي آخر

وعلى اعتبار أن التمويل يتصدر مشاكل الصناعيين أوضح المهندس خميس أن الحكومة رصدت 400 مليار ليرة لتمويل إقراض الإنتاج الزراعي والصناعي وهذا المبلغ قابل للزيادة، إلا أن وزير المالية الدكتور مأمون حمدان كان له رأي آخر في هذا السياق إذ اعتبر أن القرض هو آخر الحلول ذلك بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع، طالباً الصناعيين اللجوء إلى حلول أخرى كأن يتعاضدوا لتمويل مشروعاتهم من خلال شراكات فيما بينهم قد تفضي بالنتيجة إلى إحداث شركات مساهمة عامة تطرح أسهمها للاكتتاب العام، وبالتالي يحصلون على التمويل مجاناً.

جدولة

وبالعودة إلى رئيس الحكومة فقد اعتبر أن إصدار قرارات تخفيض الرسوم واستيراد الآلات المستعملة، ودعم الصادرات سيصب في النهاية بدعم الإنتاج، داعياً إلى جدولة هيكلية كل معمل حتى يتسنى للحكومة الوقوف على آليات التعاطي معها بكل وضوح، مشدداً على أن كل معمل ملزم للعودة إلى الإنتاج، خاصة مع توجه الحكومة إلى معالجة البنى التحتية في منطقة تل كردي وتوجيه ورشات العمل خلال أيام لتعبيد الطرق وإزالة الأنقاض، إضافة إلى موافقة الحكومة  على تركيب مركز تحويل كهربائي لكل معمل بالتقسيط لمدة 3 سنوات بفوائد 6%، والتعهد بمعالجة مشاكل الروتين والبيروقراطية التي تواجه الصناعيين.

للجادين فقط

المحطة الثانية كانت في المنطقة الحرة بعدرا، إذ طلب رئيس الوزراء من رئيس اللجنة العليا للمستثمرين قائمة خلال ثلاثة أيام بالجادين بالعمل للنظر بإعطائهم الحوافز المطلوبة لعودة نشاطهم، وذلك بعد أن عرض رئيس اللجنة فهد درويش إعفاء المستثمرين من بدلات الإشغال خلال فترة التوقف عن العمل، وإشارته إلى أن هناك 50% من المستثمرين الجادين بمعاودة نشاطهم من أصل 417 مستثمر.

متابعة دورية

وعلى هامش لقاء رئيس الوزراء مع المستثمرين في المركز الإقليمي لتجارة السيارات في المنطقة لحرة بعدرا بين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل أن رئيس الوزراء وجه بتشكيل مجموعة عمل برئاسة وزير الاقتصاد وعضوية وزارة المالية /المديرية العامة للجمارك/ ووزارة الإدارة المحلية /محافظة ريف دمشق/ واللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة لدراسة كل آليات العمل لإعادة الإقلاع بالمنطقة الحرة بعدرا سواء من جهة التشريعات، أو التسهيلات، أو القرارات اللازمة مع برامجها التنفيذية، وأن يتم عرض نتائج هذه اللجنة على مجلس الوزراء ومتابعة تنفيذها، وأن يكون هذا العرض بشكل دوري، بالإضافة إلى حصر كل الأضرار في المنطقة الحرة وتأهيل البنية التحتية الخاصة بها.

وأشار الخليل إلى أن المنطقة الحرة في عدرا واحدة من تسع مناطق موجودة في القطر تمتد على مساحة 1028 دونم وهي من أهم المناطق الحرة الخاصة بتجارة الآليات “سيارات سياحية وثقيلة ورؤوس القاطر..الخ” ولعبت دور هام لفترة طويلة كمركز إقليمي لتجارة هذه الآليات، لكن العمل في هذه المنطقة الحرة توقف عام 2013، ولا يزال متوقف نتيجة أضرار بالبنى التحتية وأخرى بمنشآت المستثمرين، إضافة إلى حصول عدد السرقات للمواد والتجهيزات الخاصة بالمنشآت.

وأوضح الخليل أن المستثمرين يطالبون بمجموعة من القضايا المتعلقة بإعفاءات من البدلات فترة توقف المنطقة الحرة عن الخدمة، بالإضافة إلى حل مسائل متعلقة بالآليات والتجهيزات التي فتحت القيود الجمركية لها والتي بحاجة إلى تسديد، مشيراً إلى أن  الوزارة ستقوم بالتعاون مع إدارة الجمارك العامة لحصر كل القيود الدفترية ليتم تسديدها لاحقاً، منوهاً إلى أنه تم إحالة عدد كبير من الشكاوى والضبوط التي تقدم بها أصحاب المنشآت إلى وزارتي العدل والدفاع، وتم تكليف القضاء العسكري لمتابعة هذا الموضوع والتحقيق بكل المسائل المتعلقة بالبضائع الخاصة في المنطقة الحرة بعدرا، وأن العمل جاري لحصر للأضرار الموجودة في المنطقة، وعرض هذا الموضوع على لجنة إعادة الإعمار المشكلة برئاسة مجلس الوزراء لإدراجها ضمن الخطة الإسعافية لتأهيل البنى التحتية في المنطقة.

محطة ثالثة

أما المحطة الثالثة فكانت في معمل الأعلاف بعدرا وقد تم الاطلاع على واقع العمل فيه  وعلى الأعمال المنجزة لإعادة تأهيله حيث خصصت له الحكومة 350 مليون ليرة لإعادة تأهيله من لجنة إعادة الإعمار وقد بدأ الإنتاج التجريبي بصورة جيدة.

وقبل أن يصل الوفد الحكومي إلى محطته الرابعة في المدين الصناعية بعدرا أطلق المهندس خميس حملة تشجير في المدينة بعدرا على أن توزع الغراس مجانا على المستثمرين وإدارة المدينة، ثم قام بجولة استطلاعية على عدد من المنشآت، ثم زار فرع بنك سورية الدولي الإسلامي الذي تزامن افتتاحه أمس مع زيارة الوفد الحكومي إلى المدينة. وفي هذا السياق بين حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام أن افتتاح فرع بنك سورية الدولي الإسلامي في المدينة الصناعية في عدرا هي بداية لافتتاح بقية الأفرع المتوقفة، وهي رسالة واضحة بعودة الإنتاج إلى المدينة الصناعية، معتبراً أن هذا تأكيد على أن سورية على السكة الصحيحة، وأن الإنتاج مستمر.

قوة وثبات

والتقى المهندس خميس صناعيي ومستثمري المدينة الصناعية في عدرا ليؤكد أن ما تم تزخر به هذه المدينة من منشآت ضخمة يدل على قوة وثبات الاقتصاد، خاصة إذا ما علمنا أن منتجاتنا الوطنية أصبحت بالفعل تصدر إلى أكثر من 90 دولة حول العالم، مشيراً إلى أن المعدات والتجهيزات الموجودة في المدينة تضاهي نظيراتها في عدد من الدول الصناعية، مشيراً إلى أن لدى الحكومة قائمة بإحلال 32 مادة من المستوردات ستعرض قريباً على الصناعيين لكي يصار إلى إنتاجها محلياً، كما تطرق إلى مسألة تفعيل المدينة السكانية في المدينة الصناعية بعدرا، حيث طرح فكرة إحداث شركات مساهمة لبناء 60 ألف وحدة سكنية، وتجاوب المهندس خميس مباشرة مع مطالب إدارة المدينة ومستثمريها المتمثلة بتأمين مياه الشرب والمياه المخصصة للصناعة وإيجاد حلول للعمالة المؤهلة، وعودة السجل التجاري للنافذة الواحدة، ومحكمة البداية المدنية وكاتب العدل.

إقبال كبير

وعلى هامش اجتماع الفريق الحكومي في المدينة الصناعية بعدرا بين وزير الإدارة المحلية حسين مخلوف أنه تم تأمين الطرقات للصناعيين والمستثمرين وتأمين المواد الأولية وتصريف المنتجات ونقل العمال في أحلك الظروف، مشيراً في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أن المدينة تشهد حاليا إقبالا كبير على الاكتتاب، وفيها أكثر من 2300 منشأة قيد البناء وأكثر من 1200 منشأة قيد الإنتاج، منها إنتاج موسمي ومنها إنتاج دائم، مبيناً أن رئيس الوزراء وجه بالإقلاع وإطلاق كل المشاريع التي طلبها الصناعيين بدءا من محطة معالجة تل كردي لتأمين مياه الشرب بتكلفة 297 مليون ليرة، وأيضا هناك محطة معالجة الدباغات بتكلفة  189 مليون، وهناك إطلاق آبار في المنطقة المحيطة لتأمين متطلبات  المياه، منوهاً إلى أنه تم الطلب من المدينة الصناعية بإعداد دفاتر شروط لإقامة محطة معالجة ثالثة تؤمن 30 ألف م3 مياه للصناعة، و50 ألف م3 للزراعة في المدينة الصناعية، وتم الطلب من المدينة إعداد دفتر شروط  لإقامة معمل نفايات صلبة وتحويلها إلى أسمدة وغاز، وهذين المشروعين يمكن طرحهما على الاستثمار بحيث يكون من خلال شراكة معينة مع رجال الأعمال للتخفيف عن الموازنة، وسيتم العمل على إصدار النظام الداخلي والملاك العددي للمدينة الصناعية، وسيتم الأخذ بكل المقترحات بشأن تعديل نظام الاستثمار.

وأشار مخلوف إلى أن الحكومة رصدت 600 مليون ليرة سورية لإعادة البنى التحتية وتجهيز المناخ المناسب لإعادة إقلاع المعامل في منطقة تل كردي، وأنها شجعت الصناعيين من خلال منحهم تسهيلات لتأهيل منشآتهم، واليوم هناك معامل قيد الإنتاج، وكانت طلباتهم مستجابة من رئيس الوزراء لجهة المساعدة في تذليل كل العقبات أمامهم لتأهيل منشآتهم، وتم التوجيه لرصد الاعتمادات اللازمة لاستكمال البنى التحتية في هذه المنطقة، وتم تشكيل لجنة برئاسة وزير المالية وعضوية محافظ ريف دمشق، ومعاوني الوزارات المعنية لعقد اجتماع تتبع تنفيذ كل أسبوعين مرة ليصار إلى متابعة كل القضايا التي تهم الصناعيين، وتذليل الصعاب أمامهم سواء لجهة التشريعات أو البنى التحتية أو التسهيلات أو الالتزام بتنفيذ البرامج الزمنية.

ليست تفقدية

رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس بين أن زيارة الوفد الحكومي ليست تفقدية ولا استطلاعية، بل تأتي في إطار حل المشاكل مباشرة، مشيراً إلى أن غرفة الصناعة أعدت مذكرة تتضمن عدة مطالب لحماية منطقة تل كردي، ومشاكل البنى التحتية، والعمالة التي تعتبر الهم الشاغل لأغلب الصناعيين، والتي يمكن حلها من خلال عودة أهالي عدرا العمالية إلى منازلهم لتوفير العمالة لهذه المناطق، وأكد الدبس أنه رئيس لوزراء وافق على تشميل منطقة عدرا البلد ضمن اللجنة التي شكلها رئيس الحكومة لمتابعة أوضاع الـ 137 معمل في منطقة تل كردي، مشيراً إلى وجود 40 معمل في عدرا البلد، وهناك 7 معامل بدأت بالإنتاج، وهناك 40 معمل قيد التحضير للإنتاج.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]