هجوم مباغت من اتحاد العمال…والسلاح تقرير اقتصادي “حانق”..

 

تحشد العديد من المواقف النقابية على جبهة عدم الرضى عن الأداء الحكومي، بل وصل الأمر في بعض المواجهات إلى مرحلة الاشتباك المباشر مع مفاصل العمل التنفيذي، بما ينذر برفع الغطاء عن وقائع تقصيرها في مهامها وواجباتها وإدانتها بالعجز وبشكل يعزز احتمال حجب الثقة النقابية عنها.

تكاليف الحياة  

الاتحاد العام وضع في تقريره الاقتصادي أسباب ارتفاع تكاليف الحياة في خانة الإجراءات الحكومية كسحب الدعم عن المواد الرئيسية، ورفع أسعارها لاسيما المحروقات والسلع الأساسية الغذائية كالأرز والسكر، مع إشارة التقرير إلى أنه خلال جرد مستودعات الخزن والتسويق تبين وجود سكر عائد للعام 2013 ــ 2014، والسؤال الذي يبحث التقرير عن  إجابته هو ..لماذا ترتفع أسعار المواد الغذائية (مادة السكر مجرد مثال) وهي مكدسة بالأطنان بمؤسسات التدخل الإيجابي وقد باتت الآن منتهية الصلاحية وقيمتها تقدر بنحو 2.5 مليار ليرة سورية، علماً أنه تم شراؤها بالقطع الأجنبي في أكثر الأوقات صعوبة لجهة ارتفاع أسعار الدولار بحجة طرحها في الأسواق عند حدوث حالات احتكار..!.

مسؤولية

ويتساءل التقرير عن الجهة المسؤولة عن استيراد مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري حسب ثبوتيات مؤسسة التجارة الخارجية (صفقة الشاي)، لافتاً إلى أن قلة المعروض من السلع في السوق المحلية أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير مع أن المؤسسة السورية للتجارة تعمل تحت شعار تأمين المواد الاستهلاكية وغيرها من المنتج إلى المستهلك مباشرة دون وسيط، وتسعى لأن تكون الأسعار منافسة للأسواق  ولكن ما لمسه الاتحاد غير ذلك.

كما يطرح التقرير حالة الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي الذي يؤثر سلباً على استمرارية العملية الإنتاجية في الشركات المؤهلة اقتصادياً والارتفاع الدائم في أسعار المحروقات خاصة المازوت والغاز، لافتاً إلى أن كمية النفط الخام وصلت إلى ما يقارب الـ4 مليون برميل شهرياً من مصدرين، الأول كان يؤمن الخط الائتماني الإيراني كتدفقات شهرية من النفط الخام بمعدل 3 مليون برميل بالسعر العالمي ودون عمولات وهي مؤجلة الدفع (أي أن الحكومة لا تدفع لقاءها أموالاً رغم أنها قبضت ثمنها من المبيعات للمواطنين). والمصدر الثاني النفط الخام المنتج من حقول النفط السورية العاملة، حيث بينت الشركة السورية للنفط في تقرير نقابات عمال النفط أنه بلغ شهرياً مليون برميل.

وبالتالي فإن ما تنتجه كمية مليون برميل من النفط الخام من مشتقات نفطية أساسية في المصافي السورية (حسب مصدر مسؤول في النفط لإحدى وسائل الإعلام المحلية) تكون 25 ألف طن بنزين و45 ألف طن مازوت و50 ألف طن من مادة الفيول،  إضافة إلى استخراج كمية من الغاز المنزلي تعادل نحو /2500/ طن، والسؤال هنا كما هو وارد في التقرير ..طالما أن المشتقات النفطية (المحروقات) قد أُنتجت بتكاليف الاستخراج والتكرير فقط فلماذا تُرفع أسعارها ؟

حوار

وأكد التقرير على انخفاض قيمة العملة المحلية بأكثر من 90% وارتفاع معدلات البطالة لحدود 60%، وتحليق معدلات التضخم لتتجاوز 1200% والتي بلغت 27% في شهر حزيران 2016 بارتفاع أسعار يفوق الربع عن الشهر السابق له، ليصبح معدل التضخم الإجمالي لشهر حزيران 660%، بالمقارنة مع حزيران 2010 وتراجع القدرة الإنتاجية في بنسبة 75%.

تقهقر

ويرى الاتحاد في تقريره أن ذلك رفع مؤشر تكاليف الحياة لأكثر من ثمانية أضعاف خلال سنوات الأزمة الست، إذ باتت الأسرة المكونة من /5/ أشخاص تحتاج لــ (230) ألف ليرة سورية لسد نفقات معيشتها وتراجعت القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود بنسبة تزيد عن 85% بسبب الارتفاعات الكبيرة في الأسعار التي وصلت إلى مستويات تجاوزت نسبها 1000%.

ويؤكد التقرير وضوح حجم الفجوة المعيشية الكبيرة بين الدخول (متوسط الرواتب والأجور لا يتجاوز 30 ألف ليرة سورية) ونفقات الحياة (التي تبلغ حدود 200 ألف ليرة سورية) حيث كان لتردي الأوضاع المعيشية للمواطن السوري تأثيره السلبي الواضح على التعليم لدى أفراد الأسرة، إذ دفع بكثير من العائلات لإرسال أطفالهم إلى سوق العمل من أجل تأمين مصدر دخل إضافي من جهة، ومن جهة أخرى لعدم قدرتهم على دفع تكاليف ما تتطلبه العملية التعليمية من (أجور نقل ــ لباس ـ قرطاسية وغير ذلك من مستلزمات التعليم).

إعادة نظر

وطالب الاتحاد بإعادة النظر بالقرارات البعيدة عن المسؤولية وعن ملامسة الواقع المرير الذي يعيشه المواطن السوري، ويقترح تأمين كافة المواد الأساسية والضرورية، والحد من ارتفاع أسعارها لتتوازن الرواتب مع نفقات الحياة بالحد الأدنى، ويتساءل التقرير إن لم تكن الحكومة قادرة على زيادة الرواتب والأجور فلماذا لا يتم تخفيض الضرائب المفروضة على ذوي الدخل المحدود.

ويقترح أيضاً إعادة تأهيل شاملة لكل شاب أو طفل صغير تلقى مناهج غير رسمية في المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة الدولة لأنه يحمل جوانب فكرية خطيرة تعود بنا لبداية الأزمة، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية وتطويرها، والتمسك بالقطاع العام وحل المشكلات التي تقف أمام ما تبقى من مؤسساته من خلال تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية بأسعار مناسبة من مواد أولية وقطع تبديلية لازمة لصيانة خطوط الإنتاج، والحد من ارتفاع أسعار المحروقات لأنه يؤثر في كلفة المنتج والحد من انقطاع التيار الكهربائي لأنه ينعكس سلباً على تشغيل الخطوط الإنتاجية بالشكل الأمثل.

بشير فرزان

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]