خلاف بين وزارتي التربية والمالية ..تنازع أنظمة وقوانين

 

يعترض ملف استثمار الأبنية المدرسية خارج أوقات الدوام الرسمي لصالح الجامعات السورية الخاصة، إشكاليات بين وزارتي المالية والتربية لجهة الآلية المتبعة في طريقة الاستثمار، ودفع المستحقات المالية المترتبة على الجهة المستأجرة، واشتراط التربية على إضافة هذه الإيرادات لحساب موازنتها الاستثمارية لصالح إعادة تأهيل الأبنية المدرسية. بينما تتحفظ وزارة المالية على إجراءات التربية في هذا الملف، وتعتبرها مخالفة صريحة وواضحة للقوانين والنصوص المالية، كونها ستحرم الخزينة العامة من الإيرادات المستوفاة من هذا الملف، وفق مبدأ شيوع الموازنة الذي يشير إلى أنه لا يجوز تخصص إيراد معين لنفقة معينة..!.

وبينت المذكرة المرسلة من وزارة التربية إلى رئاسة مجلس الوزراء، أن الوزارة تعمل على زيادة المبالغ التي يتم تقاضيها من الجهات المستأجرة بنسبة 50% عن المبالغ التي تم تقاضيها في الأعوام السابقة، والتنسيق مع الجهات المعنية لتأطير عملية الإعارة هذه ضمن ضوابط ونظم مالية محاسبية صحيحة، ووضع المبالغ المحصلة بحساب خاص لوزارة التربية ضمن موازنتها الاستثمارية.

وأوضحت المذكرة أن الوزارة قامت بتشكيل لجنة لمتابعة ووضع الآلية اللازمة لتأطير عملية الإعارة، ومدى الجدوى الفعلية منها، مع التقييم الدقيق للملف بشكل عام، ولم تخف الوزارة جهلها في ملف الاستثمار وأنه لم يكن لها أي تجارب سابقة في هذا الجانب، إذ لم يسبق لها أن أجرت أو استثمرت أو استخدمت أيا من المباني المدرسية العائدة لها في غير الأغراض التربوية المعدة لها، مشيرة إلى أنها دخلت بداية العام  2012 على خط استثمار أبنتها المدرسية خارج أوقات الدوام الرسمي تحت مسمى “فكرة الإعارة”، وذلك بموجب موافقة مجلس الوزراء، ويأتي ذلك بحسب المذكرة ضمن إطار الحل الإسعافي والمؤقت لضمان عدم توقف العملية التعليمية في الجامعات الخاصة، بعد اضطرارها إلى نقل مقراتها، وبينت المذكرة أن الموافقات من الجهات الوصائية على فكرة الإعارة تتم سنويا، ويوظف بدل الإعارة مباشرة في ترميم وصيانة وتحسين مجموعات من الأبنية المدرسية الحكومية في دمشق وغيرها من المحافظات، بحيث تشرف مديريات التربية المعنية على تدقيق الكشوف التي تحال إلى الجامعات الخاصة لصرفها.

ولم تورد المذكرة العوائد والتحصيلات السنوية لهذه الإعارة، وكذلك عدد المدارس المؤجرة، والصرفيات السنوية عن الصيانة والتأهيل للأبنية المدرسية، إذ اكتفت بتبيان  أن الإعارات لمدارسها عبر خمس سنوات حققت تمويلا كبيرا ورديفا للوزارة في صيانة الأبنية المدرسية، بالإضافة إلى الاعتمادات التي ترصد سنويا من وزارة المالية لهذه الغاية، مشيرة إلى أن تحويل هذه الريوع كإيراد للخزينة العامة سيحرم التربية من تلك المبالغ الضرورية لإعمال الصيانة، وبالتالي تنتفي الغاية الأساسية من فكرة الإعارة.

وتقترح المذكرة توجيه وزارة المالية بتنفيذ موافقة مجلس الوزراء التي تشير إلى تأطير الإعارة بين الوزارتين ضمن النظم المالية المسموح بها، أو الاستمرار في آلية العمل المتبعة في السنوات السابقة لما تمتاز به من مرونة في إنجاز أعمال صيانة الأبنية المدرسية من خلال بدلات الإعارة مع زيادة المبالغ بنسبة 50%.

بالمقابل تشير المذكرة المرسلة من وزارة المالية إلى مجلس الوزراء إلى المخالفات الإدارية والمالية والمحاسبية لإدارة هذا الملف، معتبرة أن فكرة الإعارة لا تندرج ضمن أحكام القانون المالي الأساسي، ومنه ترى المذكرة ضرورة إلزام التربية بتنظيم عقود رسمية مع الجامعات السورية الخاصة وفق القوانين والأنظمة النافذة لتأجير الأبنية المدرسية، على أن تقوم الأخيرة بتحويل الإيراد الناتج عن تأجير بعض الأبنية المدرسية إلى الخزينة العامة للدولة.

وبينت المذكرة أن وزارة المالية تقوم برصد الاعتمادات المالية اللازمة لوزارة التربية خلال العام، وفي ضوء الحاجة الفعلية لإعادة تأهيل الأبنية المدرسية وتغطية جميع الأعباء المترتبة على التربية، وبينت المذكرة المواد القانونية التي تؤكد المخالفة التي يحملها ملف الإعارة والمتمثلة في المادة رقم 7 من المرسوم التشريعي 488 المتضمن النظام المالي والمحاسبي للجهات العامة ذات الطابع الإداري، والتي تشير إلى  أنه “لا يجوز للمكلفين بعقد نفقة أو بإجازة عقدها أو بتصفيتها أو بصرفها، أن يزيد بواسطة أي دخل كان قيمة الاعتمادات المحددة في الموازنة العامة للدولة، ولو كان ذلك على حساب إضافة قيمة هذا الدخل إلى الإيرادات العامة، وأن القوانين والأنظمة النافذة المطبقة على كافة الجهات العامة الإدارية تلزم جميع الإيرادات أيا كان نوعها أو مصدرها بأن تكون إيراد للخزينة العامة”.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]