حقيقة الجدل حول أغلفة الكتب المدرسية…مابين السطور يستحق التأمل..

 

 

ما إن بدأ العام الدراسي وفي الأيام الأولى لموسم المدارس حتى غزت صفحات التواصل الاجتماعي منشورات من هنا وهناك مع هجوم كاسح صب على اختيار وزارة التربية لأغلفة الكتب المدرسية لبعض الصفوف والفلكلور الشعبي الذي أدرج جزء منه كتعريف على الموروث الشعبي في  كتاب الموسيقى للصف الرابع ،حيث اعتبرت التعليقات أن تصميم الأغلفة يثير الرعب في نفوس الطلاب، إضافة إلى قساوة مشاهد الأخرى وإزعاج الحالة البصرية للطلبة، ليتهم البعض الوزارة بالإفلاس الشعري  وخاصة  أن الكتاب الجدد ليسوا على سوية تليق بتنشئة جيل وذلك حسب كلامهم .

و اعتبرت وزارة التربية أن التغيير ضروري والأغلفة الموضوعة على الكتب الجديدة ليست مرعبة، بل المرعب هو عدم الدراية بهذه الكنوز السورية التي تزخر بها بلادنا ويقدرها الناس في كل أنحاء العالم وبعضنا يراها مرعبة. ولابد من تعريف الجيل على لوحات فنية لكبار الفنانين التشكيليين السوريين كأدهم إسماعيل ونذير نبعة ولؤي كيالي وفاتح المدرس، وصور لمنحوتات أثرية تشير إلى حقب تاريخية ما.

وهذا ما رحب به بعض النقاد التشكيليين معتبرين أنها  خطوة حضارية وتساهم بتقريب اللوحة من تلاميذ المدارس، وتعرفهم على أسماء وأعمال بعض كبار رواد الحداثة الفنية التشكيلية السورية. ليؤكد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج في وزارة التربية الدكتور دارم طباع أن أغلفة المنهاج الجديد تحمل قيمة فنية عظيمة، للأسف يجهلها جيل اليوم، وقد “تم تطوير المناهج للصفوف (الأول-الرابع-السابع- العاشر) وفق استراتيجية معتمدة عالمياً، بالتعاون مع منظمة اليونسكو. معتبراً أن ما تم تناقله عبر صفحات التواصل الاجتماعي صوراً محرّفة وغير صحيحة عن أغلفة المناهج المطوّرة، وحتى الغلافين المتداولين طرحا بصورة سيئة وهما في الواقع أجمل بكثير ..حيث أصبح الموضوع نوعاً من الدعابة عند البعض واختراع أغلفة من وحي الخيال.

ولفت طباع إلى أن أغلفة الكتب التاريخية حملت تحفاً ولقىً أثرية عالمية من التراث السوري،  ككتاب قضايا تاريخية للصف الأول الثانوي حمل تمثال ملك ماري ايتور شماكين الذي بَنى قبل 2500 من ميلاد السيد المسيح في شرق سورية.، وأول مدينة صناعية في التاريخ، استغرق العلماء الأوربيون أكثر من ربع قرن في دراسة هذا الإنجاز الحضاري الهام لشعوب المنطقة. مضيفاً أن أغلفة كتب اللغة العربية تمثل لوحات فنية تعزز الثقافة الفنية والتذوق الجمالي لدى المواطن الذي يركز عادةً على العلوم والرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغة العربية كونها ستدخله إلى الجامعة، وهذا خطأ لا يبني الإنسان لذا نتوجّه اليوم لتعزيز الموسيقى والفنون التشكيلية والرياضة. مشيراً إلى أن الكثير من الناس لم يسمع برواد الفن التشكيلي في سورية حيث تم وضع لوحات الفنانين التشكيليين السوريين المعروفين على مستوى العالم أغلفةً لكتب مادة اللغة العربية، حيث بدأنا في الرواد الأوائل ممن رحلوا أمثال أدهم إسماعيل، ممدوح قشلان، لؤي كيالي، نصير شورى وغيرهم. وذلك من مبدأ تعزيز روح المواطنة كما يجب أن نعطي وجهة الغرب تجاه بلادنا، فوضعنا على أغلفة الكتب الإسلامية لوحات لفنانين أجانب؛ أميركيين، انكليز، هولنديين، طليان، ممن رسموا سورية وأوابدها التاريخية والدينية في القرون الماضية من 200-300 سنة وهي لوحات فنية أيضاً وكتبنا على كل غلاف ما هو المحتوى.

وحول إدارج الموروث الشعبي أشار طباع إلى ضرورة  معرفة طلابنا تراث أجدادهم الذي يختلف من محافظة إلى أخرى ونادراً نشاهد اهتمام من هذا الجيل بهذا الموروث الجميل مما دفع وزارة التربية على التركيز على بعض أغاني التراث مع الأغاني الوطنية والتراث الشعبي العالمي، ولم يخف طباع وجود آراء متعارضة مع وجهة نظر الوزارة، إلا أن الوزارة منفتحة على الجميع ولكل من يريد أن يساهم ويشارك في وضع ملاحظات  ودراستها  والأخذ فيها في حال كانت مفيدة وصحيحة، علماً أنه تم عرض الأغلفة ومحتواها خلال عملية تطوير المناهج على الموقع الإلكتروني .

وأوضح طباع أن الفكرة الأساسية  من تغيير أغلفة الكتب المدرسية بهذا الشكل، هو تعزيز ثقافة الانتماء عند الطالب، ليكون للكتاب مدلولات وطنية، فكان التغيير من منطلق أن الغلاف المدخل الدال على المنتج، بمعنى أنني عندما أمسك كتب التاريخ يجب علي أن أعرف من الغلاف أنها سوريّة، وأنها موضوعة ضمن منهجية معينة، تناقش قضايا تبدأ من المحلي وتبدأ بالعالمي، بما ينسجم مع المتطلبات المحلية.

علي حسون

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]