علاج بدون دواء ومراكز استشفاء بلا أجهزة…وسائل علاج جديدة في سورية تتحدى المرض..

تتحدث حكاية قديمة عن رهان بين أفعى وجرذ، حين زعم الجرذ أن سم الأفاعي غير قاتل، وأن ما يخيف الناس فعلاً، ويتسبب بمصرعهم هو منظر الأفعى المخيف، والسمعة السيئة التي تتمتع بها بين البشر، وليس السُمّ الذي تخترنه بين أنيابها، وفي تفاصيل الرهان بينهما اتفقا أن تلدغ الأفعى أحد المارة، وتختبئ، ثم يظهر الجرذ، بعد ذلك يتبادلان الأدوار مجدداً، ويقومان بعكس التجربة، وحين تم التنفيذ شتم أحد المارة الجرذ الذي رآه أمامه معتقداً أنه قام بعضه، ثم حاول ركله قبل أن يمضي في طريقه دون أي تأثيرات بدت عليه، رغم أن اللدغة التي أصابته كانت لثعبان، في حين سقط رجل آخر من المارة على الأرض صريعاً في وقت قصير بعد التجربة المعاكسة حين شاهد الثعبان أمامه، وتوهّم أنه قام بلدغه، رغم أن العضة لجرذ ليس إلّا، فكان أن صدق المثل، وقتل الوهم صاحبه، ورغم أن الحكاية قصة قديمة تروى للحكمة أو العبرة، يبدو اليوم في الكثير من الأمراض والعلل جوانب نفسية متداخلة ومعقدة، وتتزامن مع علوم كثيرة تعنى بالتأثير، والإيحاء، أو توزيع الطاقة الإيجابية، والعلاج البديل، والماورائيات، أو علم الباراسيكولوجي، وبين الدراسة العلمية الفعلية والمتطفلين على هذه العلوم تتفاوت الآراء، وتتعدد بين مرحّب بها ومحذّر منها، فما أصل هذه العلوم، وهل هي حقيقة فعلاً، وهل من يعملون فيها يمتلكون حقاًَ مفاتيحها وأسرارها، أم ليسوا أكثر من متطفلين ودجالين وهواة؟.

ما هو الباراسيكولوجي

يتألف مصطلح الباراسيكولوجي «ما وراء علم النفس» من شقين: أحدهما البارا (Para)، ويعني قرب أو جانب أو ما وراء، أما الشق الثاني فهو سيكولوجي (Psychology)، ويعني علم النفس، وهناك من يرى في هذا العلم مجموعة من القدرات الخارقة تمكّن صاحبه من التحكم بالطاقة والقدرة على التداوي والعلاج، وهناك من أسماه علم نفس الحاسة السادسة، ولكنه ظل محتفظاً باسمه لعدم وجود تعريف واضح له، وكان الفيلسوف الألماني ماكس ديسوار عام 1889م أول من استخدم هذا المصطلح ليشير من خلاله إلى الدراسة العلمية للإدراك فوق الحسي، والتحريك النفسي “الروحي”، والظواهر، والقدرات الأخرى ذات الصلة، وللباراسيكولوجي موضوع يدرسه، وهو القدرات فوق الحسية «الخارقة»، كالتخاطر، والتنبؤ، والجلاء البصري، والاستشفاء، وتحريك الأشياء، والتنويم الإيحائي «المغناطيسي»، وخبرة الخروج من الجسد وغيره، أما المنهج الذي يستخدمه هذا العلم، فهو المنهج العلمي الحديث مع شيء من التطوير الذي تقتضيه طبيعة الظاهرة المدروسة، وهذا هو الرد على من يريد أن يعرف «هل الباراسيكولوجي علم أم لا»، فهو قديم في ظواهره وقدراته، جديد بمنهجه ووسائله وأساليبه، ويبدأ بالفهم والتفسير، ويمر بالتنبؤ حتى يصل إلى الضبط والتحكم بالقدرات التي يدرسها.

عاج بالطاقة

لكن هل العلاج بالطاقة والإيحاء موجود فعلاً، وما هي طرقه وأدواته؟.. أحد المعالجين بهذه الطريقة، وهو المعالج وجدي حمدي علاوي تحدّث لنا بإسهاب عن دراسات كثيرة قام بها في هذا المجال، مكنته من شفاء حالات مختلفة من الأمراض بالاعتماد على هذا العلم المسمى بالباراسيكولوجي، حيث يقوم باستخدام الطاقة الحيوية المحيطة بالإنسان لعلاج مختلف الحالات المرضية المستعصية، منها السرطان والعقم والأورام وأمراض المفاصل، فيقول: يمتاز المعالج الذي يستخدم هذه الطريقة بقدرته على الإحساس بوجود الطاقة في الجسم، ولا يطلب المعالج من المريض أثناء العلاج سوى الاسترخاء، والانتباه على التغيرات التي تطرأ على جسمه أثناء الجلسة، وتعتمد سرعة الشفاء على مدى تقبّل الشخص لهذا النوع من العلاج، وتقبله للمعالج، وعن طريقته في العلاج يقول السيد علاوي: أضع يدي على المريض بداية على منطقة الرأس (مركز الإيعازات والفعاليات)، ومن ثم على منطقة الرقبة (الثالوث) المعروفة في علم الباراسيكولوجي بمنطقة الروح، ثم أضع يدي على المنطقة المصابة، ويؤكد علاوي: كل مريض لديه طاقة سلبية تحيط به، وطاقة إيجابية، أي هناك عملية تبادل طاقات، وما يقوم به المعالج هو سحب الطاقة السلبية، وبث طاقة إيجابية، وهذا ما يتسبب للمعالج أحياناً بالتعب والإرهاق نتيجة هذه الجلسات، وبالتالي ستكون جلسات قليلة، لكنها فعالة بحسب تجارب وشهادات من حالات مختلفة قام بمعالجتها، ويؤكد المعالج الذي زار الصحيفة أن عملية العلاج لا تتعدى الخمس دقائق يومياً، وعلى مدار 21 يوماً، مشيراً إلى أن هناك بعض الأطباء يرى أن هذا الأمر مجرد خرافات وادعاءات غير قابلة للتصديق، في حين يعتمد على شهادات من أطباء آخرين بحسب العلاج الذي يتبعه وفعاليته، مؤكداً أن العلاج بالطاقة الحيوية منتشر اليوم في أماكن مختلفة من الصين، وأجزاء واسعة في شرق آسيا، وهي ليست ضرباً من الأوهام والخيال، لكنها حقائق وعلوم أثبتت بالدراسات والتجارب، ويضيف وجدي: عالجت 22 حالة بإشراف بعض الأطباء، كان معظمها ناجحاً، متمنياً أن يحظى بدعم واهتمام من الجهات المعنية بهذا الموضوع، والهدف إنساني بحت.

إيحاء نفسي

في المقابل يضع الدكتور ممتاز الشايب، وهو اختصاصي نفسي، والمدير التنفيذي لجمعية العلوم النفسية، هذا النوع من العلاج في إطار العلاج بالإيحاء، والاعتماد على أشخاص مدربين، ولديهم خبرة نفسية بطبيعة المرضى، فعندما يناقش علم النفس بعض الأمراض العضوية التي تواجه الإنسان يجد لها منشأ أو طبيعة نفسية ساهمت في تفاقمها، والأمر المعاكس صحيح، وبحسب الشايب كثيراً ما يؤثر رفع الثقة عند المريض، واستخدام ألفاظ معينة لرفع طاقة جسده، في مقاومته للأمراض، وبالتالي فإن أي علم نفسي، أو يبحث في الغيبيات، والماورائيات، وعلوم الطاقة، يمكن أن يساهم بطريقة أو بأخرى في العلاج، فالموضوع بالتأكيد قسم منه ذو منشأ نفسي بحت عبر جلسات استرخاء مثلاً، أو جلسات علاج بالطاقة، وكثيراً ما نلاحظ أن مرضى السرطان تتفاقم حالات المرض لديهم بعد اكتشافها، وهذا سببه قلة الثقة بالنفس، وانتشار عامل الخوف والشعور باقتراب الموت، ولكن في المقابل، ومع تأكيد المعالج النفسي على أهمية هذا النوع من العلاجات، وإمكانية العودة إليه شريطة الوثوق بالمعالج، هو لا يغني بحال من الأحوال عن التأثير الدوائي، أو العلاج الدوائي المطلوب بالتزامن مع هذه الجلسات التي تسمى في علم النفس جلسات تحفيز ورفع طاقة، فالدافع الشخصي المتولّد عند الشخص أهم بكثير من أي علاج دوائي آخر، وأكثر جدوى.

أدوية مزيفة

تنتشر اليوم عبر العالم أنواع جديدة من العلاج تعتمد على أنماط تم تطويرها من قبل شركات الأدوية، وهي مستخلصات وهمية خالية من أية قيمة دوائية، ويقصد بها إيهام المريض ودفعه للتحسن بالاعتماد على الإيحاء، تشبه هذه الأدوية كثيراً حكاية الثعبان والجرذ، وتشبه قصص العلاج عن طريق الإيحاء، أو توزيع الطاقة، لكن المؤكد أن قدرة أي علاج تبدأ من المريض نفسه، وتحددها إرادته، وإيمانه بالشفاء من عدمه، وربما يكون من المفيد والضروري اليوم التوسع بدراسة هذه العلوم، ودمج الطب النفسي والمعالجة النفسية مع المعالجة الطبية، ولماذا لا يكون هناك اختصاصيون وأكاديميون يعنون بتدريس هذا النوع من العلاجات بشكل أكاديمي ومنهجي ومدروس تجنباً لأية حالات تطفل أو تعد على هذه العلوم التي تثبت في الكثير من الأحيان جدواها.

 

محمد محمود

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]