“فزّاعات “الاستثمار ترهب الرساميل في طرطوس…بعــد البــلاغ “9”.. البــلاغ “4”

يبدو أن  مقولة “تمخض الجبل فولد فأراً”، تصلح لنطلقها على حال محافظة طرطوس واللجان الكثيرة والمتكررة التي عصرت كل ما في ذهنها لتعديل أظلم قانون وبلاغ برأي الكثيرين، فبعد جهد تم تعديل البلاغ  رقم “9” ليصبح البلاغ رقم “4” المتعلق  بالترخيص الإداري، وتقليل المساحة المطلوب توفرها لإقامة مشروع استثماري إلى 3 دونمات كحد أدنى، ناهيك عن الاشتراطات التعجيزية المطلوبة، ومنها البعد عن الحراج، وألّا تكون الحيازات  الزراعية مروية أو خصبة وخارج منطقة الحماية، وكذلك من الشروط المطلوبة تأمين عرض واجهة لا تقل عن 30 م، وغيرها الكثير من المعوقات التي يراها كل صاحب فكرة بإقامة مشروع صناعي أو غيره  بأنها أقرب لشبكة من الخيوط العنكبوتية التي تستهدف إبقاء محافظة طرطوس بعيدة عن الخارطة الاستثمارية الاستراتيجية مع الإبقاء على وضع أبنائها على ما هو عليه من سوء وفقر بالرغم من كل المزايا التي تتمتع بها طرطوس من يد عاملة عاطلة عن العمل، وفرص لعشرات الآلاف من الخريجين الجامعيين والمعاهد الفنية المتخصصة وحتى الخبرات.

صعوبة التنفيذ

كفاح قدور أمين سر غرفة التجارة والصناعة في طرطوس، قال: إن تطبيق الشروط لتنفيذ أي منشأة صناعية في طرطوس يعتبر صعباً للغاية جراء الوضع القائم، ويكشف بأنه من بين  360 مشروعاً، فإن المشاريع التي حققت الشروط فقط لا تتجاوز 60 مشروعاً، والباقي لم يتمكن أصحابها من تنفيذ هذه الشروط الصعبة، ومنها بسبب البلاغ رقم 4، وهو الأسوأ بعد البلاغ رقم 9، ورأى قدور بأن المطلوب مراعاة خصوصية مدينة طرطوس وريفها، حيث تتطلب  التعليمات بأن تكون الأراضي غير زراعية وغير مروية لكون معظم الأراضي هي زراعية وخصبة وأيضاً مروية،  وكذلك بأن تكون غير مشجرة ومساحتها فوق 3 دونمات، وتساءل قدور، هل المطلوب بأن يهاجر أبناء المحافظة خارج المحافظة لكي يحظى بمشروع يراه حقاً وواجباً عليه تجاه مدينته وأهله، وبرأي قدور، فإن المطلوب من الجهات المعنية والوصائية العمل على تعديل هذه الشروط المعقدة، واستثناء طرطوس هذه البلاغات، والسماح  15% من مجمل الأراضي الزراعية لإقامة منشآت صناعية تدعم الإنتاج الزراعي، وإفساح المجال لتشغيل اليد العاطلة عن العمل في المحافظة، وذلك بهدف النهوض بالواقع المعيشي والخدمي والصناعي والتجاري لمحافظة طرطوس التي تستحق الكثير، وتمتلك الكثير من المزايا.

القانون الأظلم

وأيضاً فإن المحافظة تعاني من قانون الحراج الذي توقف الزمن عند اللجنة المكلفة بتعديله نظراً لآثاره التدميرية وشروطه الأصعب، باعتبار  وجود 10% من الكثافة الحراجية في الأراضي الخاصة أو حتى أملاك الدولة العامة هي منطقة يطبق عليها قانون الحراج الحالي، وبالتالي تمنع عنها  إقامة أي مشاريع وحتى عمليات الاستصلاح، رغم وجود آلاف الهكتارات من الأراضي الواقعة تحت هذا التصنيف الجائر، وتم حرمان المحافظة من الاستفادة منها، إضافة لعمليات المسح التقليدية عند عمليات التحديد والتحرير التي تقوم به اللجان المختصة، وتحديد الأراضي الزراعية وتصنيفها عن المواقع الحراجية جراء استخدام الصور الجوية واعتمادها لدى المحاكم، في حين بات  العالم يعرف الغوغل أو المسح عن طريق السكنر الذي يعطيك كل ما تحتاجه من صور بدقة عالية جداً، في حين الصور الجوية الملتقطة من آلاف الأمتار لا يمكنها ذلك، ناهيك عن صعوبة التمييز بين المواقع الحراجية عن غيرها،  وبهذا الخصوص أشار المهندس ياسر ديب رئيس مجلس المحافظة إلى أن التشدد الكبير بتطبيق أحكام قانون الحراج المعمول به وتعاريفه  التي تعتبر تعدياً على الملكية الخاصة المصانة بالدستور، كما أن القانون في المادة 3 منه، بين حراج الدولة والحراج الخاص  ومن مساوئه المركزية المفرطة عند تطبيقه، لافتاً إلى أن كلمة وزير قد وردت في القانون أكثر من 45 مرة مع تجاهل أي دور لوجود مديريات للزراعة والمحافظة ومجالس البلدية، وقال ديب: إنه تم إعداد مذكرة من قبل مجلس المحافظة منذ أكثر من سنتين تتضمن المقترحات والتوصيات للأخذ بها عند مناقشة مشروع القانون الجديد، ولكن إلى الآن لم يصدر هذا القانون، ولا نعرف مصير التوصيات والمذكرة التي تم إرسالها إلى وزارة الزراعة عن طريق وزارة الإدارة المحلية،  ومن مقترحات المذكرة تصنيف المنشآت من حيث أضرارها بالحراج، وتعديل بعض التعاريف،  ومنها (الحراج – الأرض الحراجية – حراج الدولة- الحراج الخاصة)، حيث إن القانون الحالي لم يحدد المساحة لهذا الحيز، وطالبت المذكرة بأن يحدد الحد الأدنى لمساحة الأراضي الحراجية بحدود 2000 م2، وما يقل عن ذلك تعامل معاملة خاصة، كما تضمنت المذكرة معاملة القطاع العام معاملة خاصة في تطبيق أحكام القانون، وضرورة التوجه نحو اللامركزية، واحترام قانون الإدارة المحلية، إضافة لمساعدة المجلس الأعلى للإدارة المحلية بتنفيذ المادة 4 من القانون بوجوب وضع الخطة الوطنية للامركزية وفق برنامج زمني محدد، والإشراف على تنفيذها، ودعم هذه الخطة، والتنسيق مع كل الجهات المعنية والتي كان من المفترض أن تصدر منذ خمس سنوات!.. وبحسب المقدمة من رئيس المجلس فيما يخص حراج الدولة والتي هي الأراضي غير المحددة والمحررة والتي تزيد تغطيتها النباتية 20%، وهذا تجنٍ على المواطن في هذا التعريف، حيث إن معظم الأراضي غير المحددة قد تكون ملكاً للأهالي، وبسبب غزارة الأمطار في المنطقة الساحلية، الأمر الذي من شأنه زيادة كثافتها الحرجية حكماً عن 20%، ولو خلال مدة عام أو عامين، وخاصة إذا كان أصحابها موظفين، وربما مقيمين خارج القرية، وبالتالي أصبحت هذه الأراضي من حراج الدولة حسب القانون الحالي، وكذلك الموضوع المتعلق بتعريف حرم الحراج، وهي المنطقة المحيطة بالحراج، وخالية من المنشآت بعمق 25 متراً، تبدأ من حدود الأرض الحرجية، بينما في فقرة أخرى تنص: يمنع إنشاء أية منشآة خدمية، أو صناعية، أو زراعية، أو سياحية غير ضارة بالحراج على مساحة لا تقل عن 10 أمتار من حرم الحراج، وهذا تناقض كبير وخطير،  كما تضمنت المقترحات الواردة في المذكرة أن تعامل الحراج الخاصة وفق أحكام خاصة ميسرة تدرج في متن القانون، وأن يتاح المجال للمواطن للاستثمار بكافة أشكاله في الحراج الخاصة، إضافة لتقديم مقترح لدراسة إمكانية نقل أراض مسجلة بالتحديد والتحرير حراجية، وهي بحسب الواقع عبارة عن أراض خالية من أي غطاء حراجي، أو مشغولة من سنين طويلة، بوضع اليد عليها، أو نسبة الحراج أقل من 10%، وهذه الحالات موجودة بكثرة في محافظة طرطوس، وقد تكون واردة في المخططات التنظيمية مشيدات عامة، أو حدائق، ومدارس، ويكون ذلك من خلال لجنة خاصة مشكّلة من وزارة الزراعة، والإدارة المحلية (المحافظة)، ووزارة الإسكان، وتصدق من وزير الزراعة، وغير ذلك الكثير من الملاحظات المتناقضة ضمن القانون والصلاحيات الممنوحة ضمن حدود الوحدات الإدارية فيما يخص قطع الأشجار في المناطق الحرجية، ومنح الرخص المسبقة.

عقوبات رادعة

كما طالبت المذكرة بضرورة تعديل المادة المتعلقة بإقامة منشآت بنفاياتها الغازية أو السائلة على مسافة لا تقل عن 1000 متر من أي اتجاه من حرم الحراج، والمقترح هو تخفيض هذه المسافة حتى 200 متر، مع فرض اشتراطات مهما كان نوعها على المنشآت المزمع إقامتها لحماية الحراج، مثل إقامة سواتر، أو محطات معالجة، وغير ذلك، مع أهمية تصنيف المنشآت من حيث ضررها بالحراج بالتنسيق مع الوزارات المعنية من صناعة، وسياحة، وبيئة، وغيرها، وتكليف المحافظة بهذا الأمر بلجنة مشكّلة لهذه الغاية من كوادر المحافظة، وبخصوص العقوبات فقد بيّنت المذكرة ضرورة إجراء بيان إحصائي من قبل المديريات المعنية يبيّن مدى الردع المحقق للمخالفات المرتكبة في ظل هذا القانون القائم المشابه إلى حد كبير للقانون المقترح، وذلك في ظل الظروف الراهنة، وبناء عليه تقترح المذكرة المقدمة إعادة النظر بتلك العقوبات، ويؤكد ديب أن مصير هذه المذكرة منذ أكثر من سنتين بات مجهولاً، وربما حبيس الأدراج، مهملاً، رغم بعض الحماس الذي أظهره وتبناه أكثر من مسؤول برتبة وزير زار المحافظة، ووعد بحمل هذه المذكرة ومناقشتها بأعلى المستويات في رئاسة مجلس الوزراء، وصولاً لما يطمح إليه المواطن، وما عاناه من ظلم وحرمان، للمشاريع التنموية تحت حجة قانون حراج ظالم جداً، ومشروع قانون مقدم أكثر ظلماً من الحالي؟!.

زراعة طرطوس “متكيفة”!

وجهنا بعض الأسئلة للمهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس تمحورت حول واقع أملاك الدولة، وكيفية التعامل مع الاستفادة من هذه المساحات  بما يضمن تحقيق الفائدة من عملية الاستثمار، وأثر قانون الحراج الحالي على هذه الأملاك، وكذلك أثره السلبي بحرمان المحافظة من المنشآت، إلا أن رد بلال كان بالعموم، وعمل دائرة الأملاك العامة من خلال تنظيم محاضر أجور المثل، وعقود الإيجار، وحصر دراسة أراضي الدولة في المناطق غير المحددة، وتنظيم مخططات بها، ومتابعة حماية أراضي الدولة، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتجاوزين عليها، ودراسة معاملات إسقاط حقوق الارتفاق، والانتفاع، والاستعمال عن أراضي أملاك الدولة للمصلحة العامة، ودراسة طلبات ترقين إشارات منع التصرف على أراضي الدولة، وغيرها من دراسة طلبات نقل أراضي أملاك الدولة للبلديات والوحدات الإدارية، وبيعها أراضي الاستيلاء غير الموزعة الواقعة داخل مخططاتها التنظيمية، ولكن من دون الدخول في تبعات قانون الحراج، وسلبياته، ودور المديرية في ذلك من خلال العمل على تبني كل ما هو في مصلحة المواطن، والمحافظة على اعتبار ذلك من اختصاص الجهات الوصائية العليا؟!.

سؤال المحرومين؟!

من حق كل مواطن، عادياً كان أو مستثمراً، أن يسأل أمام كل هذه الظروف والأوضاع، وهذا الحرمان المزمن وغير البريء، وغياب مشاريع تشكّل مولدات للدخل، وتساهم بشكل مباشر وأكثر فعالية، وتعمل على خلق بيئة استثمارية تعالج مشاكل البطالة، وتخلق فرص عمل لآلاف العاطلين في محافظة موصوفة، وربما “متهمة” بوجود عطالة مثقفة تبحث عن فرص تضمن لها مستقبلاً أكثر أمناً واستقراراً، في حين تعج اجتماعاتنا بالنقاشات الساخنة، وجولات كبار المسؤولين، وجدوى الاستثمار في هذه المحافظة الواعدة، والرؤى الاستثمارية التطويرية والإنتاجية، في الوقت الذي تعجز هذه الجهات الوصائية والمحلية عن التفاهم حول قانون الكل يقول بأنه جائر وظالم بحق طرطوس وأبنائها كقانون الحراج، وأيضاً البلاغين الأكثر سوءاً، ولكن من دون نقل هذا “الحماس الشفهي”، وترجمته على أرض الواقع؟!.

لؤي تفاحة – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]