مائة عام من العراقة…في عودة الصافرة…

أضافت وزارة النقل إنجازاً جديداً يضاف إلى سلسلة الأعمال النوعية التي يقوم بها ذراعها العريق المتمثل بالمؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي عندما مهّدت السكك والمسالك لعودة المقطورات “الحجازية” الأقدم في التاريخ إلى الإقلاع من جديد بعد توقف دام سنوات طويلة، فبعد تحرير منطقة الزبداني من الإرهاب جاء إعلان وزير النقل المهندس علي حمود عزم الوزارة على إيصال قطار النزهة إلى محطة الزبداني انطلاقاً من ساحة الأمويين كمرحلة أولى على أن يتم تأهيل كامل الخط حتى حدود منطقة الرياق اللبنانية.

اللافت في رحلة الأمس التي شارك فيها الرفيق همام حيدر أمين فرع ريف دمشق للحزب والمحافظ علاء منير إبراهيم وثلة من الفنانين والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية، عمليات الصيانة والترميم لهذا الجزء من خط القطار والسرعة في التنفيذ التي لم تتجاوز فعلياً شهرين، إذ انطلقت أولى الرحلات على متن قطار النزهة من دمشق باتجاه الربوة والهامة وعين الفيجة والتكية فالزبداني.. رحلة تختصر مائة عام من عمر الخط الحديدي الذي تعود بدايات إحداثه إلى عام 1890.

وبيّن حمود أن الفضل بإعادة تأهيل هذا الجزء من خط سير قطار النزهة يعود إلى جهود كوادر مؤسسة الخط الحجازي التي تمت خلال زمن قياسي بتعاون محلي وخدمي وأهلي، حيث نفذت أعمال تأهيل /36/ كم من الخط الذي تعرّض لعمليات إرهابية وتخريبية فاقت التصور، حيث تم تنظيف وإزالة العبوات الناسفة ومخلفات الإرهاب بالتعاون مع وحدات الهندسة العسكرية وفرق إزالة الألغام والمتفجرات إذ تم تفجير / 8/ أنفاق وتفكيك /725/ عبوة ناسفة محلية الصنع وإزالة /1149/ لغماً متفجراً مع تفكيك /42/ أسطوانة غاز ومئات القذائف المختلفة الأحجام والأنواع، مشيراً إلى أن ذلك تطلب جهوداً جبارة وكبيرة قامت بها عناصر الهندسة في الجيش العربي السوري لتأمين الخط ومحيطه والمنطقة وتنظيفها من مخلفات الإرهاب، هذا فضلاً عما قامت الجماعات الإرهابية المسلحة به من تدمير وتخريب وسرقة محطة الزبداني، التي تعدّ من أجمل المعالم السياحية والتراثية في الزبداني، مع تدمير أكثر من محطة ونقطة عمل وخدمة على الخط وسرقتها بالكامل، مؤكداً أن عودة تشغيل قطار النزهة ووصوله إلى الزبداني رسالة تأكيد من وزارة النقل لإعادة إحياء القطاعات المتوقفة وإصلاح ما عبثت به وخربته يد الإرهاب ومخططاتهم الإجرامية في دفن صورة سورية الطبيعية والحضارية والموحّدة والمستقرة والآمنة، ولعل انطلاق رحلة قطار دمشق – الزبداني واحدة من صور الاستقرار وعودة الأمان ونشر قيم المحبة والسلام، وهذا العمل الجبار الكبير والمضني الذي تم بفضل مواصلة جهود فرق العمل على مدار الساعة وضمن ظروف الطقس الحار، وصعوبة ووعورة التضاريس ونقص الآليات اللازمة للعمل والمعدات والأدوات لأن المخازن التابعة للمؤسسة تقع في منطقة القدم وفي نقاط خطرة،  وتوازت مع تنفيذ أعمال لتجهيز القاطرات والعربات المرؤوبة بمحطة الهامة لتكون جاهزة لتأمين الرحلات على هذا المحور رغم صعوبات تأمين القطع التبديلية لأنها بخارية ونادرة وعمرها أكثر من مائة عام.

من جانبه أشار مدير عام “الخط الحديدي الحجازي” حسنين علي إلى حجم الأعمال التي قامت بها ورشات الصيانة والتي تمثلت بإزالة /150/ ألف م3 من الردميات وردم الخنادق والحفر التي كان يتحصن بها الإرهابيون بكمية 60 ألف م3 مع فرش /2000/ م3 من البالاست وترميم العبارات والجسور واستبدال سلالم تالفة ومماسك متفرقة بحدود /20 ألف برغي وجونطة / فضلاً عن استبدال مفاتيح الخط لدخول وخروج المحطة وتركيب عدد من الغرف المسبقة الصنع لتأمين الخدمات مع كامل مستلزماتها الكهربائية والصحية وأعمال زراعة نباتات الزينة والورود وتقليم الأشجار والاعتناء بالمنظر العام للمحطات، لافتاً إلى أن كل ذلك لم يمنع العمال من الإصرار والإرادة للوصول إلى محطة الزبداني في قلب المدينة، وها هو قطار النزهة بصفارته ولونه المميز وعبق مجد مائة عام من التراث والتاريخ يتجاوز كل آثار الدمار والإرهاب حاملاً في مقدمته علمنا الوطني..

يذكر أن أول رحلة لقطار النزهة كانت عام 1913 ليبقى هذا المعلم واحداً من المظاهر المحفورة في ذاكرة السوريين نظراً لما ارتبطت به رحلات القطار من موروث شعبي وتراثي وتاريخي عند أهل دمشق ومشاوير السيران والاصطياف والتنزه والسياحة الشعبية في روابي الربوة والزبداني وبلودان، وشكّل عامل جذب وإنعاش للحركة السياحية في المنطقة وسجّلته عدسات كاميرات أجمل أفلام السينما العربية مع نجوم الفن في سورية ومصر.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]