خلاف واختلاف داخل الحكومة على أولويات “مشاريع الفقراء”..

 

دمشق – الخبير السوري

أنجز مصرف سورية المركزي بالتنسيق مع وزارتي المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية، المعايير المتعلقة بتحديد أولويات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاعين الصناعي والزراعي، وحسب مصدر حكومي فإن أولويات التمويل تأتي ضمن توجهات الحكومة الرامية إلى زيادة الإنتاج وكسب العمالة الفنية في مشاريع صغيرة، مؤكداً ضرورة استئناف القروض ووضع ضوابط لكل قطاع مستفيد، وموافقة مجلس الوزراء على الضوابط والمحددات الخاصة بإقراض المشاريع التنموية. بينما أكد مدير عام أحد المصارف العامة أن هذه الضوابط والمعايير التي سيتم إقرارها قريباً لا تخدم العملية الإنتاجية، فمن المفترض العمل على تقديم التمويل بشكل أشمل وأوسع، لا أن يستفيد من التمويل شرائح قليلة ومحددة.

تفعيل الإقراض

وبموجب مذكرة المصرف المركزي المرسلة إلى رئاسة مجلس الوزراء، الهدف الرئيسي من وضع الضوابط الخاصة بالإقراض هو تسريع تفعيل قرار الإقراض المصرفي ضمن محددات الإقراض، والغاية من تحديد أولويات التمويل هي إزالة التداخل فيها، وحسب المذكرة فإن أولويات التمويل ضمن القطاع الصناعي هي للصناعات الغذائية تتصدّرها مشاريع تصنيع مشتقات الألبان والكونسروة وتجفيف الفواكه، يليها قطاع الصناعات الهندسية وتحديداً مشاريع الطاقة المتجددة “ببوغاز – مزارع ريحية – مزارع شمسية”. أما الأولوية الثالثة فهي للصناعات الدوائية ضمن قطاع الصناعات الكيميائية، وجاءت أولوية قطاع الصناعات النسيجية في المرتبة الرابعة لجهة إنشاء مشاريع “ألبسة – تطريز – كحت  – أقمشة وطباعتها”. واشترطت المذكرة في تمويل قطاع المهن والحرف اليدوية ارتباط هذا القطاع بالتصدير.

التمويل الزراعي

وتضمّنت المذكرة توزيع أولويات تمويل القطاع الزراعي لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي الخاصة بالزراعات الاستراتيجية، وتأمين بذار القمح والأسمدة وتربية الدواجن، وتسمين العجول، وتطوير الصناعات المرتبطة بها، تليها إدارة المخلفات الزراعية واستثمارها لجهة صناعة الأعلاف والأسمدة، وشمل التمويل أيضاً تطوير مزارع الخضار والبيوت البلاستيكية وخاصة تلك التي تستخدم التقانات الزراعية الحديثة  ومشاريع الاستزراع السمكي وتربية النحل.

معايير

وبيّنت المذكرة المعايير الفنية الخاصة بأولويات تمويل المشاريع ضمن أولويات القطاع الصناعي المتمثلة في القروض التمويلية لرأس المال العامل في المشاريع المتوقفة كلياً، والتي يجب أن تكون سريعة وبحالة تسمح لها بالإنتاج، وكذلك المشاريع المتوقفة نتيجة أضرار جزئية وبحالة تسمح لها بالإنتاج، والمشاريع الموجودة في المناطق الآمنة مع إعطاء الأولوية للمشاريع التي تعمل في المناطق الصناعية. وحدّدت المذكرة  معايير قروض المشاريع الموجهة للتصدير للمشاريع التي تستخدم 60% من مدخلاتها سلعاً محلية وتحقق قيمة مضافة بنسبة 40% كحد أدنى.

بينما يكون المعيار الفني للمشروع الصناعي المموّل المرتبط بالإنتاج الزراعي ضمن المناطق الريفية التي يتوافر فيها المنتج الزراعي، ويتمثل معيار المشروع المرتبط باستخدام أو إنتاج الطاقة المتجددة بارتباطه بالاستخدام والإنتاج الأمثل. وأشارت المذكرة إلى المعايير الفنية الخاصة ضمن أولويات تمويل مشاريع القطاع الزراعي التي تم تحديدها في المعيار المكاني والتي تكون ضمن هذا المعيار للمشاريع الزراعية ضمن نطاق إداري واحد وللمشاريع الموجودة في المناطق الآمنة، بينما يتضمن معيار التقانات المستهدفة توفير المياه والحفاظ على البيئة واستنباب الشعير العلفي والأرز الهوائي والفطر، ويأتي حسب المذكرة دعم الزراعات الموجهة للتصدير بهدف دعم موارد القطع الأجنبي، على أن يتم لحظ نسبة مساهمة صاحب المشروع ويبنى على أساسها إعطاء الأولوية للمساهمات الكبيرة، ويبقى معيار وجود تجربة سابقة ناجحة لصاحب المشروع من أولويات القطاع الزراعي لاعتبار أن الأمر يدعم أصحاب الأفكار الناجحة. ولم تغفل  المذكرة حجم المستفيدين الذي سيكون كبيراً سواء لجهة العمالة أم المستفيدين من الإنتاج.

غير ملبٍّ

ويعتبر مدير عام المصرف الصناعي قاسم زيتون أن هذه الأولويات قلّصت الشرائح المستهدفة، وأن هذه المعايير تنطبق على عدد قليل من المستفيدين فقط، مشيراً لـ”البعث” إلى أن ذلك بالمحصلة غير ملبٍّ لمتطلبات السوق، وأن أولويات التمويل الموضوعة في مشروع قرار مجلس النقد لا تحقق زيادة في الإنتاج الذي يعتبر الهدف الرئيسي من أولويات التمويل ولاسيما في قطاعي الزراعة والصناعة، موضحاً أن ما جاء من تحديد لبعض المعايير الفرعية يصبّ باتجاه مصلحة عدد قليل من أصحاب المهن، فالمستفيدون في القطاع الحرفي –على سبيل المثال- هم فقط المصدرون لمنتجاتهم، وعدد هؤلاء قليل جداً..!.

بالمقابل فإن قطاع الأدوية –حسب زيتون- يحتاج إلى رأس مال كبير، وبالتالي ليس بالإمكان وضع هذا القطاع ضمن أولويات التمويل، إذا لم يتم تمويله برأس مال يتناسب مع متطلباته الكبيرة، مبيّناً أنه كان من الأجدى العمل على “قروض التأسيس” وليس على “القروض التشغيلية” التي لا تلبي الطموح في الوقت الراهن، ما يستوجب بالتالي ضرورة تحديد أسقف زمنية لكل مرحلة قطاعية من أجل الانتقال إلى مرحلة التمويل الأشمل مع التركيز دائماً على القروض الإنتاجية، وإعادة النظر والتفكير في قروض التأسيس وخاصة في المدن والمناطق الصناعية.

مشروع

يذكر أن مجلس النقد والتسليف أعدّ مشروع قرار رقم 52/م.ن تاريخ 11/4/2017 يتضمّن التزام المصارف العاملة في سورية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة والممكنة لتحقيق الضوابط في منح التسهيلات الائتمانية بالليرات السورية والمتمثلة في ضوابط إدارة مخاطر الائتمان التي يحظر فيها تمويل أي نشاط أو قبول ضمانات في المناطق غير الآمنة أو غير المستقرة مهما كان نوعها، كما تم وضع ضوابط التسليف الخاصة بمنح تمويل إنتاجي “تمويل شراء أو إنشاء أصول إنتاجية بالليرات السورية”، وكذلك الضوابط الخاصة بمنح التمويل السكني، وأخرى بمنح حسم السندات بالليرات السورية.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]