حكوميون يهرشون رؤسهم في عصف فكري اقتصادي… وخميس يكشف عن هيكلة وشيكة للدعم واستهداف المنتج النهائي..

 

دمشق – الخبير السوري

حمل حديث رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس عن الدعم في طياته، أولى قطاف ثمار الدورة الـ59 لمعرض دمشق الدولي، إذ كشف أن دعم الشحن لعقود التصدير المبرمة في المعرض قد تحتاج إلى مليارات من الليرات، بعد أن تراجعت الحكومة عما كانت خصصته سابقاً في هذا المجال والمحدد بـ500 مليون، وأوضح المهندس خميس خلال ملتقى الحوار الاقتصادي السوري اليوم أن هذا الأمر تجلى خلال زيارته الأخيرة للمعرض حيث تبين أن هناك جملة من العقود تنبئ بأحجام تصدير كبيرة.

وركز المهندس خميس في مداخلاته على توجه الحكومة لدعم المنتج النهائي، مشيراً إلى أنه لا يوجد دولة في العالم تدعم مدخلات الإنتاج وذلك لما يشوب الأخير من ثغرات بالآلية التنفيذية خاصة في ظل غياب قاعدة بيانات دقيقة.

منوهاً إلى أن الحكومة ستعيد هيكلية الدعم بحيث لا يتأثر المواطن وينعكس ذلك على التنمية، مبيناً رغم أن سورية أرض خصبة للاستثمار إلا أنها تفتقر إلى الخطوات المؤدية إلى ذلك، فلا يزال هناك –على سبيل المثال – اصطدام بروتينية قواعد المؤسسات الحكومية.

وأبدى المهندس خميس استعداد الحكومة لمساعدة المتعثر الحقيقي، ومده بالقروض لمعاودة الإنتاج، مؤكداً أن ملف القروض المتعثرة يستهدف من يتهربون من السداد ولديهم القدرة على ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لموضوع الإعفاءات فمن يريد تشغيل معمله المتوقف ستشمله مظلة الإعفاءات، دون الذي يطالب بها وهو خارج البلد. وتطرق المهندس خميس إلى اقتصاد الظل مؤكداً أن أولى خطوات الحكومة بعد الاستقرار هي تنظيم هذا القطاع كونه تحد كبير أمام الحكومة.

وشهد الملتقى الذي أقيم تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء عدد كبير من المداخلات من قبل جميع الفعاليات التي تزاحمت أفكارها وطروحاتها باتجاه إعادة الإنتاج وتطوير السياسات الاقتصادية بما ينعكس بالمحصلة على اتساع دائرة التعافي الإنتاجي.

تطوير وإغلاق

البداية كانت مع وزير الصناعة المهندس أحمد الحمو والذي تحدث ضمن سياق جلسات عمل الملتقى عن الأضرار التي طالت القطاع الصناعي العام والخاص والمقدرة بأكثر من 2 تريليون ليرة ضمن المناطق المحررة والممكن الوصول إليها. في حين أن القيمة الإجمالية للإصلاحات المنفذة في القطاع العام هي بحدود 175 مليون ليرة.

وأشار الحمو إلى خطة وزارة الصناعة لتنشيط القطاع العام الصناعي، والمتمثلة بتقديم الدعم للشركات الرابحة من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج والوصول إلى طاقاتها القصوى، والعمل على زيادة الطاقات الإنتاجية للشركات الحدية لتحويلها إلى رابحة من خلال رفع نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية ودراسة تكاليف الإنتاج بشكل دقيق. أما بالنسبة للجهات الخاسرة فتعمل الوزارة على تطوير عمل بعضها عن طريق تحديث خطوط إنتاجها في المجال الصناعي ذاته أو إضافة خطوط إنتاج جديدة تتوافق مع الصناعة القائمة فيها وذلك بتمويل ذاتي أو بالمشاركة مع المستثمرين.

وبين الحمو أن الوزارة ستغلق الشركات المتوقفة قبل الأزمة التي لا جدوى من إعادة تشغيلها واستغلال موقعها وبنيتها التحتية لإقامة مشاريع مشتركة مع مستثمرين. وستدرس واقع الشركات الخاسرة بسبب الظروف الحالية والواقعة في منطقة تماس عند تحسن الوضع الأمني. وستعالج الوزارة وضع العمال في الشركات الواقعة خارج السيطرة من خلال توزيع هذه العمالة على الجهات العامة، على أن يتم دراسة واقع هذه الشركات بعد تحسن الوضع الأمني.

تقليص

وتحدث رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور عماد الصابوني عن البرنامج الوطني لسورية في ما بعد الأزمة، مبيناً أن الظروف الحالية للتخطيط تستدعي التحول من مرحلة الاستجابة للاحتياجات إلى مرحلة إطلاق تدريجي للعملية الإنتاجية، باتجاه إعادة الاقتصاد والمجتمع السوريين إلى المسار التنموي الصحيح القائم على نهج النمو التشميلي والتوازن التنموي. وأشار الصابوني إلى أنه سيجري تقليص مدة تنفيذ هذا البرنامج من 12 شهر إلى 9 أشهر.

أهداف تشغيلية

حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام بين أنه رغم نقص وتشوه المعطيات وضرورة معالجة الاختلالات الهيكلية المتراكمة عبر العقود الماضية، فإن المركزي يسعى لتحقيق جملة من الأهداف التشغيلية المتمثلة بزيادة ملاءة المؤسسات التمويلية وتحسين إدارة السيولة، وإرساء بنية وضوابط تمويلية أكثر فاعلية لخفض مخاطر الإئتمان وتشجيع العمليات الإنتاجية. إضافة إلى تنسيق المركزي بشكل كبير مع وزارتي الاقتصاد والمالية، ومديرية الجمارك لضبط إجراءات الاستيراد والتصدير وأتمتتها وتحسين عمليات تخصيص القطع الأجنبي بما يضمن فعالية في مراقبة موارد القطع واستخداماته. إلى جانب تطوير أدوات الدفع الإلكتروني لتقليص تداول الأوراق النقدية وخفض عوامل التلاعب بسعر الصرف والقيام بالمضاربات. والاستمرار في البحث عن السبل القانونية والمصرفية الملائمة لمواجهة العقوبات.

تشجيع

وتضمن ورقة العمل المقدمة من قبل معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بسام حيدر الملامح الرئيسية لسياسة الحكومة في مجال التجارة الخارجية، التي تركز على تشجيع الصناعات المحلية بفروعها كافة، من خلال السماح باستيراد المواد الأولية كافة التي لا يوجد نظير محلي لها وكذلك الأمر بالنسبة لمدخلات الإنتاج.

وقدم اتحاد المصدرين السوري ورقة عمل بعنوان السياسة الاقتصادية الهادفة إلى دعم التصدير ومعالجة معوقاته، إذ بين رئيس الاتحاد محمد السواح أن المنتجين المحليين ينظرون باهتمام بالغ إلى الوسائل الكفيلة بتعزيز القدرة التنافسية في دخول الأسواق الإقليمية والعالمية، موضحاً أن هذا يتم من خلال تطوير السياسة الاقتصادية باتجاه عاملين أساسين الأول تشجيع العرض “الإنتاج”، وهنا يبرز دور هيئة دعم الإنتاج المحلي والصادرات، وأهمية رصد اعتمادات لصندوق الهيئة، للبدء ببرامج تحفيز الإنتاج وتخفيض التكاليف، مؤكداً أنه تم الاستفادة من هذه الموارد في إطار معرض دمشق الدولي عبر تحمل الصندوق لتكاليف الشحن للسلع التصديرية.

ويتمثل العامل الثاني بتنمية وتطوير البنية التحتية المحفزة على التصدير، مشيراً إلى أنه مع توسع دائرة التعافي للقطاع الإنتاجي، لابد من إجراءات على مستوى السياسة الاقتصادية لتطوير أدوات ومشاريع في إطار تسهيل العملية التصديرية وتعزيز فرص فتح الأسواق التصديرية، بما يستهدف إتاحة الفرصة للمنتجات السورية لدخول أسواق الدول الصديقة.

وخلال جلسة العمل الثانية للملتقى التي حملت عنوان “الصناعة السورية محرك النمو الاقتصادي.. الأولويات والمستقبل والتحديات” دعا المشاركون  إلى ضرورة وصول الدعم إلى مستحقيه وأن يكون الدعم للمنتج النهائي وليس لمدخلات الإنتاج .

كما دعوا إلى إيجاد “قانون تشاركية خاص بالصناعة بين القطاعين العام والخاص على أن تكون التشاركية حقيقية وفعالة على أرض الواقع والسماح باستيراد الآلات الصناعية المستعملة وألا يكون ذلك حصرا عن طريق الصناعيين”.

وتساءل المشاركون “هل قامت الحكومة بدراسة الجدوى الاقتصادية للمعامل القديمة التي تم تشييدها على عقارات ذات قيمة عالية من أجل استثمارها” داعين إلى دعم المرأة الريفية والتركيز على تدريب وتأهيل الكوادر البشرية ومنوهين بالدعم الذي تقدمه الحكومة لجميع القطاعات ولا سيما من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج من الطاقة والتسهيلات التي تساعد على عودة دوران عجلة الاقتصاد السوري.

وأكد وزير الصناعة المهندس احمد الحمو في محاضرته تحت عنوان “السياسة الحكومية في تشجيع الصناعة السورية” أن الوزارة وضعت رؤيتها لإعادة تشغيل المنشآت الصناعية المتضررة جزئيا لإعادة زجها بالعملية الإنتاجية وتأمين حاجة السوق المحلية من منتجاتها والاستغناء عن الاستيراد وتوفير القطع الأجنبي وتشغيل الأيدي العاملة.

وشرح الوزير الحمو الإجراءات العملية والتشريعات التي تم اتخاذها لتشغيل المنشآت المذكورة ومنها “إلغاء مؤونة الاستيراد المقدرة بنسبة 25 بالمئة التي كانت مفروضة على البضائع المستوردة وتعديل ضوابط تجاوز الكشف الحسي على المناطق الصناعية بالمناطق غير الآمنة والاكتفاء بتعهد شخصي يقدم من أصحاب المنشآت بشأن استمراريتها والسماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز والمازوت والفيول لزوم منشآته والغاء العمل بتعهد إعادة قطع التصدير.

وأشار الوزير الحمو إلى التسهيلات التي تقدمها الحكومة كإعفاء أصحاب المنشآت المشتركين لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية من الفوائد والمبالغ المترتبة عليهم وإعفاء البضائع المنتجة محليا من رسم الانفاق الاستهلاكي في حال تصديرها للخارج وإعفاء الآلات وخطوط الانتاج المستوردة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم وتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعة المحلية.

من جهته أشار رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس في محاضرة تحت عنوان “إعادة إحياء المدن والتجمعات الصناعية” إلى أهمية التواجد الصناعي في معرض دمشق الدولي معتبرا أن المعرض بمثابة إعلان نصر لسورية واقتصادها وصناعتها الوطنية التي صمدت خلال الأزمة رغم ما واجهته من تحديات وصعوبات تمثلت بنقص حوامل الطاقة والمواد الأولية ونقص العمالة وغيرها.

واقترح الدبس تقديم الدعم للمنشآت الصناعية من “خلال تخفيض سعر المازوت أسوة بالقطاعات الأخرى وتوسيع تأهيل المناطق المتضررة وتوفير التمويل المصرفي بفوائد مخفضة للمنشآت الصناعية وتخفيض ضمانات القروض”.

من جهته لفت نائب رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية لبيب الاخوان في محاضرته تحت عنوان “مقترحات القطاع الخاص في تنشيط ودعم الصناعة المحلية” إلى أهمية ربط المزايا والإعفاءات التي تقدمها الحكومة بعدد من المتطلبات التي على الصناعي القيام بها من خلال عدد من المعايير كعدد العمالة المسجلة لدى التأمينات الاجتماعية والمشاركة في التأهيل والتدريب للعمالة لتامين احتياجات الشركات وغيرها والاعتماد على المواد الأولية المحلية وتشجيع جذب الرساميل إلى البلاد من خلال تقديم فوائد مجزية عند ايداعها في المصارف.

ودعا إلى وضع عدد من الضوابط والمعايير لتقديم إعفاءات من ضرائب الدخل وغيرها من الرسوم كالتأمينات ومنح الحق بالاقتراض من البنوك وبفوائد مخفضة وتقديم الدعم عبر منح أراض بأسعار رمزية عند إقامة مشاريع جديدة.

 

من جانبه رأى رجل الأعمال خالد محجوب في محاضرته تحت عنوان “تجارب من أرض الواقع” أن إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية والحرفية المتوقفة تحتاج إلى منهجية تعتمد على تحرير أصحاب المنشآت من أعباء وتكاليف التوقف في السنوات السابقة ليكونوا في وضع قانوني يمكنهم الانتقال إلى مرحلة التمويل التشاركي التشغيلي إضافة إلى التنافسية بشكل تخفيض تكاليف ممارسة الأعمال للوصول إلى معادلة تؤمن تنافسية حقيقية بين كلا الطرفين.

كما أشار أمين سر جمعية العلوم الاقتصادية فؤاد اللحام إلى أهمية رسم السياسات الصناعية المستقبلية المعتمدة على خلق قيم مضافة جديدة تتناسب مع الميزات التنافسية وضع آليات لتعويض الصناعيين عن الأضرار وتأهيل البنية التحتية والبيئة التشريعية وتشجيع الصناعيين الذي غادروا البلاد على العودة ومتابعة أعمالهم وإنتاجهم.

    حسن النابلسي

 

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]