سوق تذاكر الطيران سوداء ..سماسرة بنظارات سوداء..؟!!!

 

منذ ستة أشهر قصدت مكاتب السورية للطيران في المحافظة لحجز تذكرة طيران إلى القامشلي، فاعتذر مني العامل بسبب عدم وجود حجز، وعند خروجي من الشركة قال لي أحدهم بعد أن أخبرته بالقصة: إنه يستطيع أن يؤمّن لي تذكرة بقيمة  60000 ليرة كذهاب فقط، متسائلاً: لا أعلم ما هي آلية العمل التي تعمل بها السورية للطيران، وماذا يجري في كواليس الـ”لا” في الداخل، والـ”نعم” في الخارج؟.

هذه العبارة تكررت على لسان أكثر من شخص، حيث كانت الشكوى من مخالفات الموظفين في فرع السورية للطيران في اللاذقية، وتعاملهم السيئ مع الزبائن قاسماً مشتركاً في جميع اللقاءات التي أجريناها.. فما هي حقيقة الأمر؟.

تحييد مقصود

ما سمعناه من الزبائن، سمعناه مجدداً من أصحاب المكاتب السياحية، حيث اشتكى عصام سليمان صاحب مكتب سياحة وسفر من قيام السورية للطيران وخاصة بعد اتباعها  لنظام “اكسل ايرو” منذ نحو عامين، بتحييد دور المكاتب السياحية خلافاً للشعار الذي كانت تطلقه المؤسسة في السابق والقائل: “مكاتب السياحة والسفر هي جناحا   السورية للطيران”.

وأشار سليمان إلى تدني نسبة العمولة التي يتقاضونها من الشركة والتي لا تتجاوز 4%، مؤكداً أن هذه العمولة لا تكفي لدفع رواتب العاملين في المكاتب والضرائب والفواتير الخدمية كالكهرباء والهاتف، موضحاً في الوقت ذاته أن نسبة العمولة منخفضة جداً مقارنة بالعمولة التي تعطيهم إياها شركات الطيران الأخرى والتي تصل إلى 10%.

كما اشتكى سليمان من أسلوب الازدراء والتعالي الذي يتعامل به عمال فرع السورية للطيران مع المكاتب السياحية، إذ قال: أثناء الاتصال بالشركة للاستفسار عن مواعيد رحلات الطيران والحجوزات يرد علينا العامل بتعالٍ، ويطالبنا بإرسال مندوب من قبلنا للاستعلام عن مواعيد الرحلات، مع العلم أن مهمة الموظف هو الرد على استفساراتنا حول رحلات الطيران، مبيناً أنهم تواصلوا مع مدير السورية للطيران في اللاذقية، ووعدهم بحل هذه المشكلة، إلّا أن واقع الحال لم يتغير، وبقي كل شيء على ما هو عليه، ولفت سليمان إلى أن عدد المكاتب في المحافظة كان قبل الأزمة التي تشهدها البلاد 30 مكتباً، أما اليوم لا يتجاوز عددها 10 مكاتب.

التعاون معنا

مجد إبراهيم، صاحب مكتب آخر للسياحة والسفر، أشار إلى أن الضرائب التي تفرضها وزارة المالية على المكاتب لقاء مبيعات تذاكر الطيران إلى الزبائن مرتفعة جداً، موضحاً أنهم في كل عام يقدمون اعتراضاً إلى مديرية المالية من أجل تخفيض نسبة الضرائب باعتبار أن نسبة العمولة التي يتقاضونها بالأساس من السورية للطيران متدنية جداً، وأنهم غير قادرين على تحمّل ضرائب أخرى تجعلهم يعملون “راس براس”، مبيناً أنهم بعد كل هذا الاعتراض والشكوى لم يتوصلوا إلى أي حل ينصفهم، سواء من قبل المالية، أو من قبل السورية للطيران.

إبراهيم الذي أكد أن السورية للطيران ألغت حوافز مادية كثيرة، بيّن أن الشركة كانت في السابق تعطي كل مكتب سياحي تصل نسبة مبيعاته إلى خمسة ملايين ليرة من التذاكر تذكرة مجانية، بالإضافة إلى أنه مقابل كل 15 تذكرة ضمن الكروبات السياحية، تقدّم السورية للطيران للمكتب تذكرة مجانية، مضيفاً: أما اليوم لم تعد الشركة تعطي أي حوافز للمكاتب.

واشتكى إبراهيم من أن المكاتب لا تحظى بأي تسهيلات، وإنما تخضع لمحاربة كبيرة من قبل السورية للطيران، وقال: لا يوجد أي تعاون بيننا، ومن مصلحة الشركة التعاون معنا.

الحق على مكاتب السياحة

المهندس فادي خير بك، مدير فرع مؤسسة الطيران العربية السورية، قال: نحن في المؤسسة ننظر إلى مكاتب السياحة والسفر على أنها أحد جناحي المؤسسة التي تحلّق بهما ولها دور مهم في قطاعي الطيران والسياحة، مشيراً إلى أن المكاتب السياحية المرخصة تستطيع أن تقوم بعملية الحجز وقطع التذاكر عبر أي مكتب من مكاتب السورية للطيران وفق آلية متبعة منذ سنوات طويلة، وتم العمل على تطويرها في السنوات الأخيرة.

خير بك، بيّن أن التعاون بين السورية للطيران والمكاتب تعرّض في السابق إلى معوقات وإشكالات كثيرة، قائلاً: ليس من السليم أن ننظر إلى مكاتب السياحة على أنها منافس للمؤسسة، فالعلاقة الصحية بين المؤسسة من جهة، والمكاتب من جهة أخرى يجب أن تكون مبنية على التعاون والتكامل ليس على المنافسة فحسب، مؤكداً أن الأخيرة تقدّم كل ما يتطلب منها من تسهيلات لعمل هذه المكاتب، وتمد يدها للمزيد من العمل المشترك.

وأضاف خير بك: السورية للطيران تعتمد نظام “AccelAero” في قطع التذاكر، فيما لاتزال المكاتب في محافظة اللاذقية تعتمد الأسلوب التقليدي المتبع منذ سنوات طويلة، إذ ترسل مندوبين عنها إلى مكاتب المؤسسة من أجل حجز تذاكر الطيران، ولم تستفد من العرض المقدم من قبلنا بالعمل على النظام المذكور في مكاتبهم، رغم أنه يوفر الوقت والجهد من جهة، ومقدار العمولة المخصصة لهم أعلى من جهة أخرى، وهذا ما ورد في تعميم صادر عن المديرية التجارية عام 2014، ويدعو كافة مكاتب السياحة في سورية لتشغيل نظام الحجز في مكاتبها بشروط سهلة، وضمانة مالية بسيطة بالنسبة لحجم المبيعات المتوقعة، وذلك ضماناً لقيام المكاتب السياحية بعملها بشكل أفضل مما تقوم به سابقاً.

تعاميم وتسهيلات

وتابع: نحن بدورنا في فرع السورية للطيران باللاذقية قمنا بإرسال هذا التعميم لجميع مكاتب السياحة والسفر في المحافظة، وقدمنا كل التسهيلات للمكاتب التي تشترك به، مبيّناً أنه من خلال هذا النظام يستطيع أي مكتب في المحافظة إجراء الحجوزات، وقطع التذاكر مباشرة وخلال مدة خمس دقائق دون الحاجة إلى إرسال مندوب معتمد من قبل المكتب إلى مكاتب السورية للطيران، الأمر الذي يستغرق ربما ساعات، وربما تضيع فرصة حجز كان متوفرة عند مراجعة المسافر للمكتب.

وأعرب خير بك عن استغرابه من قيام الكثير من المكاتب السياحية في معظم المحافظات بالاشتراك في نظام “AccelAero” عبر دفع مبلغ 3 ملايين ليرة سورية كتأمين للمؤسسة، في حين أعرض أصحاب المكاتب في اللاذقية عن الاشتراك، ولكننا نأمل، وبعد إعادة تشغيل الرحلات الدولية من مطار الباسل الذي نتجت عنه بشكل طبيعي زيادة كبيرة في مبيعات التذاكر، أن ينعكس ذلك على حجم مبيعات المكاتب، معرباً عن استغرابه من إلقاء بعض المكاتب اللوم على المؤسسة بعدم اشتراكهم بنظام الحجز، أو بانخفاض مقدار العمولة عبر الحجز بالأسلوب التقليدي.

وبيّن خير بك أنه وفق نظام “AccelAero” تعطي المؤسسة عمولة قدرها 7% للمكاتب التي تجري الحجز عبر هذا النظام، لكنها لا تعطي سوى 4% للمكاتب التي تقوم بإجراء الحجوزات عبر الطريقة التقليدية.

كما قال: قمنا بإجراءات عديدة للقضاء على ظاهرة السمسرة والتوسط لتأمين حجوزات أوقات الذروة ( ذروة الطلب) من خلال المراقبة والمتابعة لضبط حالات الخلل في قطع التذاكر والقبول في المطار، وحصدنا نتائج ملموسة غيّرت الصورة التي كانت بأذهان المسافرين، ونحن نتلقى أية ملاحظة بكل رحابة صدر شفهياً، أو كتابياً، أو عبر صفحة السورية للطيران على شبكة التواصل الاجتماعي، أو البريد الالكتروني.

منع السمسرة

وأشار خير بك إلى أن المؤسسة قامت بمنع السماسرة والمتنفذين والوسطاء من إجراء أي حجز، وإغلاق الأبواب في وجه حالات التوسط والمحسوبية، فالحجز شخصياً وبوجود المسافر أو أحد ذويه من الدرجة الأولى، ودفع قيمة التذكرة في الصندوق حصراً من المسافر أو أقاربه من الدرجة الأولى.

وأضاف: كما قمنا منذ ثلاث سنوات وعلى مدى أشهر طويلة بمقابلة مسافرين شخصياً قبل صعودهم إلى الطائرة للاستماع إلى ملاحظاتهم والإشكالات التي اعترضت حصولهم على التذاكر، وسؤالهم فيما إذا كانوا قد دفعوا سمسرة أم لا؟ وأحياناً كانت تؤكد الإجابات وجود هذه الحالة،  ولكن بعد التنفيذ الصارم للتعليمات ومراقبة العمل المهني الكترونياً ومتابعة الشكاوى والملاحظات لم نعد نشهد مثل هذه الحالات.

وفي سياق رحلات السورية للطيران في اللاذقية قال: تشغل المؤسسة رحلاتها الدولية المنظمة من مطار الباسل إلى الإمارات، والكويت، ومصر، كما تشغل رحلات إلى قطر بما يتزامن مع موعد قدوم السوريين ومغادرتهم، متوقعاً أن تعود المؤسسة إلى تشغيل خطوط (اللاذقية- القامشلي، واللاذقية- دمشق، وكذلك اللاذقية- بيروت)، مع عودة الطائرة “ATR” إلى الخدمة قريباً.

وحول رفد السورية للطيران في اللاذقية بطائرة جديدة ذات سعة كبيرة وتشغيلها في محطة اللاذقية، أكد خير بك أن الطائرة الجديدة AB340 وبسبب سعتها الكبيرة تم تشغيلها على المقاطع المزدحمة، وفي فترات الطلب العالي مثلاً قبل الأعياد وبعدها، وقد تم تشغيلها في حزيران الماضي لنقل المسافرين من الإمارات إلى اللاذقية بسبب الطلب الشديد على السفر مع بداية فصل الصيف، وسيتم تشغيلها مع نهاية الفصل بداية أيلول لتؤمن عودة المسافرين، وتشغيلها ساهم باستيعاب الطلب المتزايد على السفر من وإلى اللاذقية، مستفيدين من سعتها الكبيرة.

باسل يوسف

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]