القطاع الذي “مات سريرياً” في سورية يعود بشلل نصفي…والعلاج جارٍ بين هيئة واتحاد..

 

 

في الوقت الذي لم يتجل فيه ما جمعته شركات التأمين الخاصة من عائدات مالية في سنوات ما قبل الأزمة وخلالها بمشاريع وطنية أو خيرية، تعتبر بعض هذه الشركات أن بقائها إلى الآن على أرض الواقع هو أفضل إنجاز، إلى جانب عدم تهربها ضريبياً، وتقديم التزاماتها والمحافظة على كوادرها، وفي هذا السياق يبرر عضو مجلس إدارة شركة الثقة للتأمين مهند السمان انكفاء الدور الاجتماعي والتأميني لهذه الشركات خلال الأزمة نتيجة ارتفاع المخاطر وغياب معيد التأمين الخارجي الذي قيدته العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، وتقلص رأس مال شركات التأمين بالقرار الذي قضى بتحويل رؤوس أموالها من الدولار إلى الليرة السورية، حيث أكد السمان أن رأس مال شركة الثقة لا يتجاوز 500 ألف دولار حالياً في حين بلغ قبل القرار 17 مليار دولار، بالإضافة إلى غياب تأمين النقل وحريق المنشات والمعامل خلال الأزمة الذي يوفر الدخل الأكبر، وبالتالي اقتصر دورها خلال الأزمة على تأمين السيارات والتأمين الصحي، بالرغم من تأكيده على خسارة قطاع التأمين الصحي بنسبة تتراوح بين 120 إلى 140% نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات هذا النوع من التأمين، مشيراً إلى المشاركة في بعض الأعمال الخيرية التي تستهدف أسر الشهداء والجرحى، وبعض المنتجات التأمينية الموجهة للأفراد ضد الإرهاب.

وأكد السمان أن شركة الثقة قدمت مقترحات لمشاريع استثمارية تساهم في دعم الاقتصاد الوطني، كمؤسسة “تمويل عقاري” لبناء عقارات وتمت مراسلة الجهات المعنية، إلا أنها لم تر النور إلى الآن، مؤكداً قدرته على المساهمة بأي مشروع استثماري يعود بالنفع على الوطن، ليرمي الكرة في ملعب الجهات المعنية لإقرار التشريعات اللازمة لانخراط شركات التأمين في مشاريع استثمارية تنعش الاقتصاد الوطني.

غياب التناغم

وأكد مدير شركة المشرق العربي للتأمين عزت الاسطواني انكفاء دور شركات الشركات عازياً السبب إلى جهل الجهات المعنية بآلية عملها، وعدم إشراك خبراء التأمين الموجودين في هذه الشركات في القرارات الناظمة لقطاع التأمين، لذلك غابت عن دورها في المجتمع وانحرفت بوصلة التأمين عن الأهداف المطروحة، فغياب التناغم واللغة المشتركة ما بين الاتحاد السوري لشركات التأمين وهيئة الإشراف على التأمين من جهة وشركات التأمين من جهة أخرى، أدى إلى التخبط في صناعة القرارات الناظمة لعمل القطاع التأميني، متفقاً مع شركة الثقة على عدم صوابية قرار تحويل رؤوس أموال الشركات إلى العملة المحلية الذي أدى إلى تآكل القدرة المالية لهذه الشركات في الأزمة، وأفقدها قدرتها على المضي بأهدافها ومخططاتها التي أعلنت عنها، ومطالباً معاملة شركات التأمين كالبنوك المصرفية.

تأمين ضد الإرهاب

وبالرغم من الأضرار التي طالت الشركات بهذه القرار، إضافةً إلى ظروف الأزمة التي قيدت عملهم، يرى الاسطواني أن الدور الاجتماعي لشركات التأمين زاد من خلال التأمين الصحي الموجه إلى الأفراد خلال الأزمة، لكنه استبعد العمل الخيري باعتبارهم شركة تجارية وتسعى للربح، وأضاف: دورنا أن نحمي المواطن من خلال منتجات التأمين التي تستهدف صحته وممتلكاته، مؤكداً أنها فترة عمل وليست انتظار، فنحن مازلنا في البلد لم نهاجر كالكثير من رجال الأعمال الذين آثروا الهروب بأموالهم، وحساباتنا مدققة، ولا يتم تحويل أية أموال دون موافقات رسمية.

البحث عن أعذار

ورأى رئيس هيئة الإشراف على التأمين سامر العش أن واقع القطاع التأميني لم يكن مستقراً،  مبيناً أن السنوات الأولى لبدء العمل في القطاع التأميني كانت فترة تأسيس وتحضير لتواجدها في السوق السورية، ومن ثم جاءت المقاطعة الاقتصادية خلال الأزمة لتعرقل عجلة الانطلاق لهذا القطاع، وبين العش نشاط بعض الشركات في التعاقد مع شركاء أوروبيين رغم المقاطعة بفضل علاقاتهم الشخصية، إلا أن تذتذب سعر الصرف أدى إلى تقلص نشاط الشركات وتراجع أرباحها لعدم امتلاكها إمكانية تلبية الأسعار الجديدة للمنتجات التأمينية، ومن خلال رؤيته أكد العش أن شركات التأمين لديها الكثير من المشاكل يجب النظر بها وإيجاد الحلول قبل مطالبتها بدورها، من خلال تامين الأدوات والمساعدة بالتدريب ونشر الوعي وتفعيل التشريعات وتطوير القرارات، من خلال قانون التامين الجديد الذي تعمل الهيئة على إصداره قريباً.

وفي جوابه عن دور الهيئة الرقابي أكد العش أن بعض الشركات لديها انخفاض كبير في أدائها، لذلك سيتم محاسبة أية شركة تتوقف عن العمل لمدة ستة أشهر دون أعذار حقيقية، وستعمل الهيئة خلال ثلاثة أشهر على تقييم واقع جميع الشركات واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المقصرين.

غياب “معيد التأمين”

ظروف الأزمة والمقاطعة الاقتصادية التي أدت إلى ظهور صعوبات كبيرة، خاصة في مجال تأمين “معيد التأمين الخارجي” هي السبب في تراجع أداء شركات التأمين، برأي رئيس الاتحاد والمدير العام للمؤسسة السورية العامة للتأمين إياد الزهراء، إضافة إلى حالة الانكماش الاقتصادي والتضخم الذي أصاب الليرة السورية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، والتخوف من توسيع النشاطات التجارية في ظل ظروف الأزمة المحفوفة بالمخاطر شكلت بمجملها عقبات تحد من عمل شركات التأمين بحسب الزهراء، كما ابتعد رئيس الاتحاد عن إلقاء اللوم على تقصير شركات التأمين في هذه الظروف بقوله: إن تفعيل دور شركات التأمين بشكل عملي يحتاج إلى عودة الحياة الاقتصادية حتى تتمكن من العمل، ولذلك يعمل الاتحاد على خلق تجمع لهذه الشركات لتشكل بموجبه قوة اقتصادية تعوض رأس المال المتآكل، ومن ثم تنطلق لتنفيذ أجندتها وأهدافها، وأوضح الزهراء أن سبب ابتعاد شركات التأمين عن المشاريع الاستثمارية، هو حاجة شركات التأمين لسيولة مالية دائمة تمكنها من متابعة عملها، ولذلك تتوجه إلى الاستثمار في المصارف فقط، كما بين في معرض إجابته عن ضعف التسويق والترويج للمنتجات التأمينية بأنها منتجات غير مربحة حالياً، لذلك لا يتم تسويقها، لكنها موجودة في حال الطلب، موضحاً أن المؤسسة العامة للتأمين قد طورت أعمالها لتلبية حاجة المجتمع خلال الأزمة، وأعلن الزهراء عن باكورة أعمال المؤسسة العامة وهو “التأمين متناهي الصغر” الذي وصفه بأهم المنتجات المربحة لكن بعد انتهاء الأزمة، لحاجته إلى علاقات متشابكة بشكل واضح مع شركات الاتصال والبنوك.

 

  فاتن شنان                                                                                                                                                                                                              

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]