“التريليونات” الهاربة إلى لبنان لن تترك فقيراً في سورية لوعادت..وليشتمنا “الأشقاء” بعدها بأمعاء خاوية..

 

لم يعد من “الذكاء” والفطنة ترك الخاصرة السورية الضعيفة من جهة “الأشقاء” اللبنانيين، مفتوحة تنزف “أطناناً” من الدولارات هي نتاج الدورات الاقتصادية السورية على مرّ سنوات وجهود عامة يتشارك فيها المواطن والحكومة، ليأتي مجموعة من الأفراد والشركات و”يهربوا” هذا “النسغ” من خلايا وعروق اقتصاد البلاد هنا، ليحيا به ويترفّه من أدمنوا مناهضة كل سوري..؟؟!!

في مثل هذا الملف مفارقات مذهلة الحقيقة..فقد ازدادت تدفقات الأموال السورية إلى لبنان مع بداية سياسة “النأي بالنفس” التي اختارها نسبة لا بأس بها من المتنفذين الذين أوصلتهم أموالهم إلى دوائر الفعل العام، ومؤيديهم في المناطق الثرية وذات البحبوحة، والمستفيد من المال السوري ونتاج الإيداعات السورية الهائلة ليس فقراء لبنان، بل الأثرياء ومعظمهم إما “قوّاتي أو كتائبي أو من أنصار ميقاتي  والحريري” و سلسلة أسماء نعرفها جميعاً.

رغم ذلك تتسارع وتيرة تدفق “دم الاقتصاد السوري” في الأوصال اللبنانية، على إيقاع “تأتآت” المتذمرين هناك بشأن ما أسموه في مداولاتهم “ملف النازحين”.

فبعيداً عن حماقات السّاسة أو منتحلي مثل هذه الصفة لغايات ارتزاق وتعيّش، يبدو أن ثمة ملفاً أهم، آن الأوان لبحثه بيننا نحن هنا في سورية، ويتعلّق بإيداعات السوريين في البنوك اللبنانية، التي وصلت إلى أرقام هائلة، نجزم معها بأن أي قرار يتخذه المودعون السوريون لسحبها سيزعزع الاقتصاد اللبناني من أركانه، وربما سيؤدي إلى تجويع حتى الأفواه ذاتها التي أدمنت التنطّع في السباب وقذف الشتائم في كل الاتجاهات.

الحقيقة ملف الأموال السورية في لبنان ليس بالجديد كعنوان، إلّا أن الجديد فيه هو تفاصيل وأرقام بدأت على شكل متوالية صاعدة مع بداية الأزمة في سورية، فمنذ ما قبل العام 2011 كانت التسريبات الحذرة تتحدّث عن 10 مليارات دولار في المصارف اللبنانية عائدة لسوريين أفراداً ومؤسسات، خصوصاً بعد التشبيك الاقتصادي بين البلدين، لا سيما في قطاعي المصارف والتأمين، بعد أن حظيت الشركات اللبنانية العاملة في كلا الاختصاصين بالنصيب الأكبر من الحصة السوقية لهذين القطاعين فور تحريرهما في سورية، وباتت شركات التأمين والمصارف اللبنانية أمّاً لسلسلة من وليداتها في السوق السورية وصل مجموعها إلى ما يقارب الـ 20!!.

ولم تلبث نتائج “انفتاحنا” الاقتصادي ثم أزمتنا لاحقاً، حتى ظهرت بإحداثياتها الصاعدة في قوام الاقتصاد الجار و”الشقيق”، ففي العام 2014 سرّبت مصادر لبنانية أن رقم إيداعات السوريين هناك وصل إلى 16 مليار دولار، وفي 2015 تحدّثوا عن 20 ملياراً، واليوم هناك من تجرأ وألمح إلى ما يقارب الـ 36 ملياراً وآخرون كانوا أكثر جرأة وباحوا بـ 50 مليار دولار، وهذا الرقم منسوب إلى جمعيات متخصصة ذات طابع أهلي، بما أن السلطات اللبنانية لا تعلن مثل هذه المعطيات رسمياً لأسباب عديدة سياسية واقتصادية، لكنها تُطوى بعمومها تحت عنوان واحد هو السرّية المصرفية التي يحرصون عليها هناك كثيراً، انطلاقاً من مصالحهم بالدرجة الأولى وليس مصالح المودعين، لكن يبدو من المفيد هنا أن نذكّر من سيراوغ في جدلية الأرقام، بأن آل سعود عندما أرادوا دعم نظام الإخواني المخلوع محمد مرسي، أودعوا 7 مليار دولار في البنك المركزي المصري، وكان دعماً وصفه المراقبون بـ”المجزي” حينها..

ونأسف لاستحضار المثال، لكننا نعلم أن كل هذه الأرقام المسرّبة ستواجه بالنفي الرسمي لدى الجار اللبناني، فنحن نتحدّث هنا عن شأن سوري مؤثر وحسّاس أيضاً، وملف بات إشكالية حقيقية بالنسبة إلينا، تعود في أساسها إلى أكثر من 15 عاماً، عندما استدرجت سلطات المال اللبنانية الأموال السورية، عبر إعلانها المريب عن طرح سندات خزينتها للبيع بالدولار أمام الجمهور السوري، وبفائدة 10 % وهذه النسبة غير مسبوقة عالمياً – ولا حتى نصفها- حتى يومنا هذا..!!

الآن لا بد لـ”أموالنا” أن تعود من لبنان وغيره، فالرقم كبير ونحن في ظرف قاسٍ، جعلنا بأمسّ الحاجة لمصادر تمويل استحقاقات بالغة الإلحاح، ولن نختلف على حجم ما في عهدة مصارف لبنان من ذمم مالية سورية، حتى لو اقتصر الرقم على العشرة مليارات “القديمة” فهو مجزٍ لأنه يشكل ضعفي رقم موازنتنا العامة للدولة في عام كامل، لكن الرقم الفعلي أكبر من ذلك بكثير…!!

نعتقد أن حصّة غير قليلة من إيداعات عائدة لنا في لبنان تعود لشركات التأمين والمصارف، التي حصدت ثمار “الفورة التنموية” التي شهدتها سورية بين عامي 2005 و2010، وهذه مؤسسات سورية لها مرجعياتها والجهات الوصائية عليها، وليست مجرد أفراد متفلّتين من إملاءات الانتماء الوطني الحقيقي.

هي معالجات لم تعد تقبل التأجيل، بعيداً عن ردود الأفعال المفترض أن تحصل جرّاء الضخ السلبي الذي يمارسه بعض أقطاب المشهد السياسي اللبناني حالياً في الشأن السوري.

الخبير السوري

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]