أكثر المصارف السورية توجعاً “ينتفض” ويستعيد 5 مليارات ليرة مابين النقدي والتسويات…

 

أضفت رهانات مدير عام المصرف الصناعي قاسم زيتون، على عودة محتملة لكبار المتعثرين الذين غادروا القطر، قيمة مضافة على ما أبداه من رضى واضح لدى تأكيداته  على النتائج التي حققها المصرف تجاه تعاطيه مع ملف القروض المتعثرة، وقد تمخضت إرهاصات هذه الرهانات منذ أن توصل المصرف إلى اتفاقيات معينة مع كبار المتعثرين -بغض النظر عن أسمائهم- وتم حل موضوعهم سواء عن طريق التسويات أم عن طريق السداد. إذ أشار زيتون إلى أن معظم كبار المتعثرين اللذين لم يتجاوبوا مع المصرف هم خارج البلد، أما تجاوب نظرائهم اللذين داخل البلد كان متفاوتاً، لكن عموماً لديهم توجه نحو التجاوب.

رسائل تطمينية

ورغم عدم إخفائه لحيثية تواجد كبار المتعثرين خارج البلد -مع التنويه هنا إلى أن قيمة أكبر قرض متعثر هو بحدود 3 مليارات- وأن ملفات البعض وصلت للبيع وتم البيع فعلاً، وقد تم إبلاغهم قبل البيع ضمن الأصول القانونية، إلا أنه أتوقع قريباً عودة محتملة لهم بعد أن لمسوا جدية الحكومة تجاه العمل على هذا الملف، معتقداً أن رهناتهم السابقة على فشل المساعي الحكومية تجاه تحقيق النجاح بتحصيل القروض قد سقطت، ما دفع به إلى بث تأكيدات تحمل في طياتها رسائل تطمينية لهم، مفادها بأن من يتجاوب مع المصرف لديه فرصة لاسترجاع أصوله المصادرة خلال سنة كاملة ضمن الأصول القانونية، في حال عدم بيعها في المزاد العلني.

ليست متروكة

وتحدث زيتون عن إستراتيجية المصرف مع التعامل مع ملف القروض المتعثرة، مبيناً أنه تم البدء بالقروض الكبيرة ومن ثم تم العمل تدريجياً نزولاً إلى القروض المتوسطة، مع الإشارة هنا إلى أن القروض الصغيرة ليس متروكة وسيتم ملاحقتها أيضاً، موضحاً أنه ورغم أن الإجراءات القضائية لا تقطف ثمارها سريعا فهي تحتاج إلى وقت، إلا أنها تشهد تسارعاً واضحاً من خلال تكثيف الإجراءات الناتج عن تعاون وزارة العدل بهذا الخصوص، وقد وصل التعامل مع أصحاب هذه  القروض الذين لم يتجاوبوا مع المصرف إلى بيع أصول وضمانات تم رهنها لصالح المصرف، والبعض في طريقه للبيع قريباً، خاصة المتعثرين المتواجدين خارج البلد حيث تم تنفيذ البيع على أصول البعض منهم. مبيناً أن إجمالي المُلاحق من القروض المتعثرة حوالي 34 مليار مع فوائدها، وأن قيمة القروض المدروسة وقيد المعالجة بحدود الـ16 مليار وهي بطريقها للحل سواء بالبيع أو بإعادة النظر بتسويتها في حال تم التجاوب من قبل أصحابها. وكانت حصيلة هذه الإستراتيجية تحصيل نحو 2 مليار كتحصيل نقدي، وتسويات بمبلغ نحو 3 مليارات، مشيراً إلى هذه التسويات تمت من خلال جدولة القروض مع دفعات حُسن نية.

قلب الصورة

وفي سياق آخر له علاقة بقلب المصرف للصورة السوداوية السابقة له، بأخرى تحدث عنها زيتون بلهجة تنبئ بتصويب مسارات العمل، إذ بين أن وضع المصرف حالياً يسير نحو الأفضل ولا يوجد هناك أي تراجع وفق تأكيداته المبنية على بيانات المصرف وما تؤكده من تحسن بالودائع بشكل ملحوظ، ووصول كتلة الودائع إلى حدود الـ 40 مليار ليرة سورية. موضحاً أن السيولة كانت تحت النسبة التي حددها مصرف سورية المركزي، وقد تم تجاوز العجز الذي كان حاصلاً سابقاً، وأصبح لدى المصرف أموال جاهزة للإقراض، وتقدر بحدود 4 مليارات وهذه ضمن النسبة المحددة من قبل المصرف المركزي والتي لا تقل عن 20% من الاحتياطي غير قابلة للإقراض أي أن الـ 4 مليارات هي فائضة عن النسبة التي تم تحديدها أيام الرخاء الاقتصادي.

فصل

وعلى خلفية اتخاذ الحكومة لقرار استئناف القروض ورؤية المصرف تجاه الأخطاء السابقة وكيفية الاستفادة منها، أوضح زيتون أنه يجب الفصل بين القروض التي ستمنح والقروض الممنوحة سابقا، مبيناً أن المصارف وقعت في مطب تعثر القروض الممنوحة سابقاً، وكان هناك توسع بهذه القروض الذي لم يخل من أخطاء معينة، وكان هناك أيضاً صعوبة بتحصيلها بموجب قرار، إلا أن هذا الملف تم معالجته من خلال إيجاد آلية سليمة ومن خلال الإسراع بالقضاء، وهذا يقودنا إلى ضرورة اعتماد رؤية مستقبلية للقروض التي ستمنح، تكفل عدم الوصول إلى القضاء أساساً، مع التركيز على أن الهدف الأساسي للمصرف هو التمويل من أجل العمل والإنتاج، وضمان تشغيل المنشآت، وفي الوقت نفسه ضمان سداد الأقساط لإعادة إعطائها لشريحة أخرى من الصناعيين. مؤكداً أنه تم بالفعل الاستفادة من أخطاء الماضي إذ أن هناك ضوابط جديدة للمنح وضعها المصرف المركزي والجميع أيدها ووافق عليها، وهي ضوابط أفضل للجميع رغم أنها متعبة بداية وقد يرى البعض أنها صعبة. مشيراً إلى أن الضمانة ليست هي الأساس دائماً لجودة القرض، فالشخص وسمعته هو المعيار لهذه الجودة وكذلك المشروع وطبيعة العمل وغيرها من المؤشرات الأخرى. وبالتالي ليس لدى المصرف الرغبة بالأساس الذهاب باتجاه بيع الضمانات، فالضمانة هي مجرد احتياط في حال التعثر، فالأفضل إذاً دراسة موضوع القرض بغض النظر عن الضمانة، مع التأكيد إلى أن البيع يرهق المصارف.

بانتظار التعليمات

وفي الوقت الذي لم يحدد فيه زيتون موعداً لإعادة إطلاق القروض وما إذا كان المركزي سيحدد أوجه التوظيف لهذه القروض، معتبراً أن هذا الأمر بعهدة المصرف المركزي والذي يبدو حذراً ومتأنياً تفادياً للوقوع بالأخطاء السابقة، بين أن هناك طلبات لمشاريع التأسيس وتم رفع المشروع المقترح وتمت الموافقة عليه من الجهات الوصائية ضمن سقوف معينة، إضافة إلى طلبات أخرى لتمويل المشاريع المتضررة. مشيراً إلى أن المصرف الصناعي ينتظر أن يحدد المركزي التعليمات الخاصة بالإقراض والسقوف المسموحة وغيرها من الإجراءات حتى يصار إلى إعادة إطلاق القروض. ونوه زيتون في هذا السياق إلى أنه ورغم ميل المصرف الصناعي -بطبيعة الحال- لإقراض القطاع الصناعي، إلا أنه سيتم تمويل كل القطاع الإنتاجي بالعموم، وأن التوجه حالياً لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والأولوية لتشغيل المنشآت الجاهزة والتي ينقصها رأس المال العامل لقطاع الصناعة والزراعة. بينما المشاريع المتناهية الصغر فهي من اختصاص المصرف الزراعي كونها بالأرياف ولها نظامها الخاص. وختم زيتون حديثه بالإشارة إلى أن المصرف الصناعي لم يطرح قروض استهلاكية، فالأساس بالإقراض هو القطاع الصناعي، والإنتاجي والمشاريع الإنتاجي، رغم أن حجم التمويل المطلوب للصناعة أكبر من إمكانية المصرف الصناعي، ما يستدعي بالضرورة أن تضطلع بقية المصارف بهذا الدور كي يتم النهوض بالعملية الإنتاجية.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]