احذروا العائدين من بلدان الهروب..و أكذوبات “هيك عنّا ببلاد برّا”..

خاص – الخبير السوري

حسبنا ألّا يصدمنا السوريون العائدون من بلدان اللجوء هرباً أو معارضةً، بثقافة المقارنات الكئيبة على طريقة “هيك عنّا ببلاد برّا”..

هي ليست أوهام بل هواجس واقعية تستند إلى معرفة بعضنا بـ”بعضهم” من المسكونين بخصلة الصفاقة – والصفاقة مرض نفسي لمن لا يعلم هذا التشخيص العلمي – والذين عهدناهم حاذقين في تصيد عيوب الآخرين ويسهون كلياً عن عيوبهم التي تتلبسهم وتعصف بمن حولهم.

فقد بدأت مكنة إحصاء العائدين ، مع متوالية ظهور ملامح الانفراج، وانتصار الدولة السورية على الإرهاب، وسياسة الصفح التي أعلنتها سورية عن “أبنائها”، والتي كانت بالغة السخاء والمرونة في التعاطي مع هذا الملف الذي بدا شائكاً بالفعل، وتجري إدارته بعناية فائقة، ولعل أنصع الأمثلة الواقعية التي يمكن تلمس تفاصيلها في هذا المضمار، تتلخص في مجريات المصالحات الجارية على شكل متوالية صاعدة، تركت خيار العودة مفتوحاً أمام الراغبين حتى المسلحين الذين “تلطخت أيديهم بالدماء”، فثمة صفحة جديدة لا بد منها، وهذه حقيقة يجب قبولها بكل ما فيها من قسوة ومرارة تكمن في أي محاولة استرجاع عفوي للصور الكئيبة والمشاهد التي جرت على مسرح الحدث السوري.

بالأمس تداولنا الخبر الذي نقل لنا أول إحصائية من نوعها بخصوص الكوادر السورية العائدة من بلدان “الهروب”، ويشير الخبر إلى عودة 1000 طبيب سوري، وسمعنا من مصادر خاصة عن حفلات استقبال تجري لهم في بعض المشافي من قبل زملاء المهنة وكوادر التمريض.

ورغم إيجابية ما يوحي به الخبر وفق اعتبارات إستراتيجية، إلّا أنه حفز ذاكرتنا السوداء لاسترجاع  صور هروب الأطباء السوريين المستجيبين لدعوات وزعتها دول الخليج في بداية الحرب على سورية، على شكل إعلانات عن عروض عمل للأطباء السوريين في دول البترول، إلى جانب إعلانات تخص مهندسي المعلوماتية، والهدف كان محاولة إفراغ سورية من نوعي كوادر يمكن أن تكون  بأمسّ الحاجة لها في مواجهتها “حربهم”.. الأطباء لدورهم الإسعافي، والمعلوماتيون لدورهم في المواجهة الالكترونية، وبالفعل كانت الحرب الكترونية بإخراجات إعلامية، وضاعت صرخات التنبيه والوعظ التي تعالت لثني هؤلاء عن السفر وسط ضجيج هدير الأمواج التي قذفت بـ” أهل الغواية” نحو بلدان مقاصد مريبة لم تخف أغراضها الخبيثة، وبالفعل تعيش سورية اليوم أزمة كوادر معلوماتية يعرفها كل من يطلع على الوقائع الصعبة في المؤسسات الحكومية، التي نهضت معلوماتياً على أكتاف من بقي من المهندسين الوطنيين الشرفاء، والحال ذاته في المشافي.

ولم تسلم باقي القطاعات من حالة الاستدراج والإغواء الشامل للسورين نحو الخارج، وهم أنفسهم العائدون اليوم، بروايات عن طقوس الإذلال التي جرت بحقهم – وهم يستحقونها على كل حال – ونجزم أن بعضهم يسردها تزلفاً و تظاهراً بالندم لضمان قبول توبته و إدراجه في صفوف “المغرر بهم” رغم عقله الذي يصر على أنه “بوزن بلد” فهو طبيب أو مهندس أو إعلامي ملأ الدنيا صخباً بملكاته التي تساوي ذهباً.

الأبواب مفتوحة ..والعائدون كثر وسيكونون أكثر، والآن هم صامتون صمت المرتكب، لكن بعد فترة قد لا تطول سوف تنطلق ألسنتهم من عقالاتها، ويبدؤون بسرديات العائد من رحلة اطلاعية أو إيفاد علمي، محملاً بخلاصات تجارب المجتمعات المضيفة لمن كانوا ” أيتاماً على مآدب اللئام”، وعلى الأرجح ستكون مؤسساتنا مسرح لحالات استعراض أجوف وأكاذيب عن تجارب مفبركة، لمن لم يُسمح لهم بمغادرة مخيمات اللجوء، حيث الوجبة ودرس اللغة وساعات النوم حتى الملل.

من الحكمة أن نحذر مشاغبات هؤلاء و طروحاتهم  الغرائزية التي عرفناها عنهم قبل هروبهم، فكيف سيكون الحال بهم الآن؟؟

كما أن الحذر واجب من بعض “أشقاء الدم والهوية” العائدين، وإن مثلوا دور الصاغر النادم، ففي بلدان “لجوئهم” يقبع من هم بالغو المهارة في إعداد “الجواسيس” وناقلي الفكر الهدّام وثقافات تقويض البلدان من الداخل..

نجزم بأننا سنعايش فصول ليست هادئة من شيطنات بعض هؤلاء، فإن كان بعضهم شيطان قبل أن يغادر، هل سيكون قد خلع ثوب القذارة حيث كان، أم أنهم أعادوه لنا أقذر مما كان؟؟؟

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]