لماذا أطفأتم محركات” قاطرة التنمية”..؟؟!

 

ثمّة ما يجعل الاهتمام بالقطاع الصناعي العام لزاماً على الحكومة، وبذل كل الجهود والطاقات لتطويره وتحديثه ليبقى مستمراً في العمل والإنتاج ضمن مفهوم الريعية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، ولأنه القائد الحقيقي لنظيره الخاص من جهة ثانية..!.

ورغم ذلك نلحظ أن الواقع يشير –وللأسف- إلى عدم إعطاء القطاع العام الصناعي حقه من الرعاية والاهتمام ولاسيما ما يتعلق بالتطوير التكنولوجي، والبحث العلمي، وتأهيل العمالة بما يمكّنها من التعرّف والتعامل مع متطلبات التكنولوجيا الحديثة، ووضع دفاتر شروط تواكب التطورات الحاصلة في الصناعة، وذلك وفقاً لشهادات من داخل أروقة وزارة الصناعة التي لم تغفل تداعيات الظروف الراهنة وما تستوجبه من الحفاظ على المنشآت والتأسيس بشكلٍ جدي لعملية إصلاح القطاع الصناعي العام والنهوض بمقدراته..!.

لقد أفرزت الأزمة مشكلات استدعت إعادة النظر بنشاط بعض الشركات المتضررة والتفكير بتغيير نشاطها بما يحقق الجدوى الاقتصادية، مع الحفاظ الكامل على حقوق العمالة ودعم نشاطات أخرى والتوسع بها، وتبني فكرة تجميع بعض الأنشطة في منطقة جغرافية واحدة (العناقيد الصناعية) والإبقاء على النشاطات المتوازنة التي تؤمّن تشغيل العمالة وتوفير السلع دون أن تحقق أرباحاً، وبالتالي باتت هذه الأمور برمّتها تتطلب إعادة النظر بأولويات معالجة هذه الأضرار في مرحلة ما بعد الأزمة، والتركيز على الأنشطة الصناعية الاستراتيجية.

هذه الرؤية تستدعي بالضرورة العمل وفق مسارين، يتضمّن الأول جملة إجراءات لتطوير هذا القطاع على المدى المتوسط والطويل، كوضع استراتيجية ثابتة لمدة /20 – 25/ سنة تتحدّد فيها الأهداف الرئيسية والمرحلية ومسار الاستراتيجية والتكتيكات الممكن القيام بها لتحقيق الأهداف، مع الإشارة هنا إلى أن اعتماد هذه الاستراتيجية من أعلى سلطة في البلد من شأنه تحقيق توجهات صحيحة، والسير بخُطا ثابتة لتحقيق الأهداف المرسومة، وبالتالي ضمان استمرارية السير على مسار الاستراتيجية في حال تغيّر القائمون المنفذون لها.

ويتضمّن المسار الثاني إجراءات على المدى القصير تتمحور حول تعميق إجراءات الإصلاح، وزيادة الإنتاجية والمردود، وترشيد الإنفاق ومعالجة الفساد، والاستفادة من الكوادر ذات الكفاءة والنزاهة، إضافة إلى إعادة النظر بآلية انتقاء الإدارات العاملة بناءً على معايير وأسس علمية واضحة، إلى جانب الإسراع بإنهاء التشابكات المالية بين المؤسسات الصناعية والجهات الاقتصادية والخدمية العامة والخاصة، وإعادة تقييم كل الأصول الثابتة والمتداولة في الشركات الصناعية فور انتهاء الأزمة، وكذلك تخصيص وزارة الصناعة بكتلة استثمارية واحدة من الموازنة العامة للدولة يترك للوزارة توزيعها وفق أولويات مشاريعها الاستراتيجية وحسب القطاعات الرئيسية دون العودة إلى وزارة المالية بغية ترسيخ مفهوم اللامركزية ولسرعة اتخاذ القرار المناسب وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تمهّد لانطلاقة صناعية تعيد النهوض بالتنمية الاقتصادية كلها.

يبقى أن نشير إلى أن فهم وتحليل الأسباب التي أدّت إلى تدهور أوضاع الصناعة، والوقوف على نتائجها بموضوعية وشفافية، هو المدخل المناسب لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمعالجة هذه الأوضاع بمجملها بشكل شامل ومتكامل، والاستفادة منها كفرصة متاحة لإعادة هيكلة وتوطين الصناعة السورية وتحديثها وتمكينها من القيام بدورها كقاطرة رئيسية للتقدم والنمو والتشغيل وبشكل خاص في مرحلة إعادة البناء.

حسن النابلسي

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]