صناديق تمويلية قد تلبي حاجات طالبي السكن في سورية..

 

رغم الكتلة النقدية الهائلة والموظفة في سوقنا العقارية وما نتج عنها من معروض كبير خلف مئات الآلاف من الوحدات السكنية الخالية، لا يزال هناك صعوبة بالغة بالحصول على مسكن، ما يعني أن المشكلة لا تتعلق بالتمويل، وإنما بسوء التوزيع الناجم عن الاحتكار والمضاربة نتيجة ممارسة القطاع الخاص المسيطر على هذا القطاع، وما “زاد الطين بِلّةً” هو دخول أصحاب الرساميل ممن صنفوا أنفسهم ضمن قائمة المستثمرين الذين أقبلوا خلال سنوات الرخاء الاقتصادي على شراء الأراضي لتكون حاضنة لمشاريعهم الاستثمارية المزعومة لاسيما الصناعية منها، ليغيروا فيما بعد اتجاه بوصلتهم الاستثمارية نحو المضاربة بما حازوا من أراض، فرفعوا أسعارها لتكون حجة واهية برفع أسعار الوحدات السكنية والتجارية لدى من اشتراها من تجار البناء..!.

حلول جذرية

هذا المشهد المشوّه لقطاعنا العقاري بات بحاجة لحلول جذرية ومن طراز خاص، تحقق له التوازن أسوة بنظرائه في دول العالم، وتحدث نقلة نوعية تعيد تسييل الأموال الموظفة في السوق بحيث تحدّ من المضاربة وتفسح المجال أمام المنافسة الحقيقية، ولعل أفضل السبل لتحقيق ذلك هو توجيه فوائض الأموال المودعة في المصارف لإنتاج وحدات سكنية بأسعار منافسة، فدخول المصارف على خط التمويل العقاري مسألة في غاية الأهمية نظراً لدورها المهم لحل أزمة السكن حسب خاصة في حال توفر الفوائض المالية التي كانت تشكل عبئاً عليها في فترة من الفترات.

أسباب حائلة

ففي الوقت الذي يمكن للكثير من المؤسسات العامة والنقابات المهنية التي لديها فوائض مالية مودعة في البنوك أن تدخل مضمار الاستثمار السكني أيضاً، لاسيما وأن قطاعنا العقاري وصل إلى مرحلة باتت تستدعي التدخل الحكومي الفعّال، ولعل أفضل السبل لاستمالة هذه الجهات هو تأهيل وتخديم المناطق النائية والبعيدة عن مراكز المدن بحيث تصبح أكثر جاذبية للاستثمار العقاري وتحقق جدوى اقتصادية للمستثمرين وأخرى اجتماعية لطالبي السكن. إلا أن البعض يرى أن أحد أهم الأسباب الحائلة دون تفعيل الاستثمار العقاري هي عدم وجود جدوى اقتصادية من المناطق المعروضة للتطوير العقاري، ما يستدعي بالضرورة الإسراع بإنجاز هذه المشاريع التي أخذت كثيراً من الوقت، إذ آن الأوان لتكون لاعباً أساسياً في السوق، وعلى اعتبار أنها تحتاج لملاءة مالية كبيرة تصل إلى المليارات، فلا ضير أن تساهم بها المؤسسات المالية والنقابات والاتحادات ذات الفوائض، فالتمويل موجود لكنه يحتاج لمن يحسن إدارته وتوجيهه بحيث يحقق الغرض بتأمين معروض يستوعب الطلب المتنامي ضمن إطار المنافسة الشريفة.

بسيط

فالتمويل المصرفي للسكن في كثير من الدول أسهل وأبسط مما هو عليه في سورية، حيث الفائدة منخفضة جداً ونسبة التمويل تصل إلى 100%، وذلك لأن مجالات الاستثمار فيها بالنسبة للمصارف مفتوحة على جميع القطاعات، فبإمكان أي مصرف أن يقوم بدور التاجر ويوظف أمواله بأي قطاع يشاء، بغية الحصول على أكبر قدر ممكن من العوائد المالية، كما أنه في بعض الدول يمكن للمصرف –على سبيل المثال- أن يقوم بدور تاجر العقارات وينشئ ضواحي سكنية لبيعها ويحقق بذلك أرباحاً جيدة، أو أن يبني فنادق ليستثمرها، أو يوظف أمواله في البورصة ويدخل بالمضاربات، بل إن بعض المصارف في أوروبا تقوم بشراء أندية رياضية…الخ ما يعني في نهاية المطاف توظيف كتلة رأس مال في أكثر من قطاع والحصول على أرباح يوزع قسماً منها على المودعين، فإذا خسر المصرف في قطاع ما ربح في قطاعات أخرى، وبالتالي نجد أنه يمكن له أن يطرح منتجات مصرفية وبشروط ميسرة لأن لديه خيارات متعددة إن خسر بأحدها عوض خسارته بالبقية، ومن الحلول الكفيلة أيضاً بحل مشكلة التمويل السكني وتوسيع شريحة المستفيدين من طالبي السكن هو التمويل العقاري بأنظمة خاصة خارج إطار عمل المصارف، وذلك عبر إحداث صناديق تمويل سكنية بشروط ميسرة أكثر من المصارف، ما يعني بالمحصلة أن الخيارات مفتوحة أمام سلطتنا التنفيذية للوصول إلى صيغة يمكن من خلالها تذليل جميع العقبات وتخطي كل التحديات لحل أزمة طالما استعصى حلها.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]