هواجس من مشروع قانون البيوع العقارية …قد ينعش تجارة العقارات غير النظامية

 

نشرت دراسة صادرة عن مركز «مداد» للأبحاث الإستراتيجية ومقره دمشق العديد من السلبيات حول مشروع قانون البيوع العقارية الذي أعدته وزارة المالية وتحاول تمريره لإقراره بشتى الطرق رغم الانتقادات الواسعة حوله.

ونصت الدراسة على نسخة منها أن الحديثَ عن طرح المشروع الجديد في ظلِّ سعي الدولة لحل مشكلة السكن المتفاقمة يعطي انطباعاً بأن هناك تناقضاً بين سعي الدولة لحل هذه المشكلة ونتيجة المشروع المتمثلة في تثبيت أسعار العقارات، عند المستويات العالية التي وصلت إليها.

واعتبرت الدراسة أن تثبيت أسعار العقارات عند حدودها الحالية سيؤثر سلباً وبشكل كبير في معدلات التضخم، وبالتالي على مستوى معيشة المواطن، التي تقف أصلاً عند مستويات صعبة جداً وحرجة، متسائلة ما تبريرات الحكومة لمثل هذه المعدلات، مقارنةً بالفائدة المرجوة من التقييم؟

وأوضحت الدراسة أن من السلبيات التي تضمنها مشروع القانون المشار إليه أنه سيرفع كلفة مداخلات مرحلة إعادة الإعمار وسيُنعش تجارة العقارات غير النظامية، إضافة إلى أنه سيبقي تاجر العقارات خارج إطار التكليف الضريبي.

وطرحت العديد من الأسئلة حول آلية تطبيقه ولاسيما أن المشروع الحالي يقوم على تقدير الأسعار الرائجة، لكلّ أنواع العقارات، متسائلة: هل تتوافر الظروف التي تمكّن، من تحديد القيمة الرائجة، في ظلّ تعقّد آليات التنفيذ، التي تقوم بها لجان عمل عدّة؟ وما المدة الزمنية التي سيستغرقها عمل هذه اللجان، الذي يتمثل في مسح العقارات بكل أنواعها وفي كل أنحاء القطر؟

وتابعت الدراسة تساؤلاتها: هل يتمتع أعضاء هذه اللجان بالخبرة اللازمة، مهنيّاً وفنيّاً، لتقييم العقارات بمختلف أنواعها؟ وكيف يمكن تقدير السعر الرائج ولو لمدّة قصيرة في ظل تذبذب سعر صرف الليرة السورية؟

ورأت أن اللجان المشكلة لتقييم العقارات ستقع في مشكلة عدم العدالة الضريبية للمكلفين، فلا يمكن وبذريعة تحسين موارد الدولة تطبيق القانون على جزء من الناس وإهمال الجزء الآخر؟ وخصوصاً أن السؤال المطروح هل هي قادرة على الوصول لكل المناطق أم إنها ستعمل على مبدأ المتاح فقط.

وأشار «مداد» في دراسته إلى الأزمة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من ستة أعوام موضحة أن أسعار العقارات ارتفعت بشكل كبير في المناطق الآمنة، لكونها مناطق آمنة فقط، في حين انخفضت أسعار الكثير من العقارات في مناطق تُعدّ راقية جداً وذات مواصفات فنية عالية مثل مدينة حلب لكونها تقع ضمن مناطق ساخنة فقط، مضيفة: هل يمكن لهذه اللجان تحديد تأثير الحرب في قيمة العقارات رغم كونه في الحقيقة تأثيراً مؤقتاً سيزول بزوال السبب.

وتابعت قائلة: هل من العدالة إعادة تقييم العقارات في ظل الحالة التي تمر بها البلاد، والتي أثرت بشكل كبير في القطاع العقاري، وخصوصاً أن الحالة الفنية للكثير من العقارات «حتى في المناطق الآمنة» قد تراجعت بشكل كبير، نتيجة الأعمال العسكرية أو التخريب الممنهج الذي تعرضت له، من المجموعات المسلحة وهي في الحقيقة مدن كاملة مثل داريا بريف دمشق والوعر بريف حمص وهذا يقود إلى السؤال: هل سيتم تقييم العقارات تامة البناء أم على الهيكل؟

وخلصت إلى العديد من المقترحات وهي فرض رسوم مدروسة ومعقولة على بيع العقارات السكنية والأراضي خارج التنظيم على شكل مبالغ مقطوعة متدرجة حسب موقع العقار مع الحفاظ على رسم معين كحد أدنى، داعية إلى تشكيل لجان مالية تخصصية لتقدير القيم الفعلية للعقارات التجارية لأن مفهومي العقار السكني والتجاري مختلفان تماماً.

وطالبت وزارة المالية أن تتعامل مع مهنة تجارة العقارات كغيرها من المهن التي تحقق أرباحاً وبالتالي ينبغي أن يكلف العاملون في هذه المهنة نفسها دفع الضريبة لا أن تفرض ضريبة على بيع العقارات السكنية وهي أساساً عملية لا تخضع للضريبة.

وأضافت الدراسة: إنه يجدر بالحكومة عموماً وبوزارة المالية خصوصاً البحث عن حل لزيادة الإيرادات من القطاع العقاري بشكل تتجنبان فيه أي تأثيرات سلبية، معتبرة أنه كل شيء ممكن شريطة الاستناد إلى تشريع واضح وعادل وشفاف ولن يلقى معارضة وسيوفر إيرادات منسجمة مع أحكام القانون والدستور.

وختمت الدراسة بقولها: تعد ملكية العقارات من أهم سمات الموروث الثقافي والشعبي وخصوصاً في المناطق التي لم تنقطع فيها الحياة على مر العصور نظراً لانتمائها إلى حضارات متأصلة تاريخياً، مضيفة: إن حق ملكية الماديات يمنح المواطنين أماناً وطمأنينة إضافة إلى تلبية حاجاتهم الوظيفية كما إنهما مصانتان بموجب أحكام الدستور ما يقتضي التفكير ملياً عندما يتم اتخاذ التحضيرات لإصدار أي قانون يتعلق بالعقارات نظراً إلى تأثيراته الممكنة سلباً وإيجاباً ذلك على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.

 

“الوطن”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]