حقائق يجهلها الصارخون من قلّة فرص العمل..بطالة “فاضحة” لوسائل الإنتاج وليس لطالبي العمل!!

 

 

الخبير السوري :

وسائل الإنتاج (قوة العمل ورأس المال / الثابت والمتحرك، النقدي والعيني / والأرض) متكاملة مع بعضها، وبطالة أي وسيلة تنعكس على بطالة الأخرى ومن الخطأ الكبير أن يتم التركيز على البطالة البشرية ( قوة العمل) وإغفال الحديث عن بطالة الوسائل الأخرى، وغاب عن بال المهتمين بمشكلة البطالة البشرية أن معالجة بطالة الوسائل الأخرى، تشكل المدخل الأساس لمعالجة البطالة البشرية، وفيما يلي بعض مظاهر بطالة وسائل الإنتاج:

مال وبشر

البطالة البشرية موجودة في سورية كغيرها من دول العالم بما في ذلك الدول الأكثر تقدماً، ولسنوات خلت كانت نسبتها بحدود 20 % من القوة العاملة، ولكن الجهات الرسمية بذلت جهوداً كبيرة لحلها ما جعلها تقارب حالياً 9 % ، و من المفترض أن تكون زادت قليلاً عما كانت عليه بتأثير الانفتاح الاقتصادي والأحداث الداخلية.

بطالة رأس المال قائمة ومؤكدة من خلال الأموال الكبيرة التي سبق أن ذهبت خارج القطر، واستثمارات آلاف السوريين في الخارج تؤكد ذلك، ويتأكد ذلك أيضاً من خلال القيود المصرفية التي تؤكد وجود قرابة /1200/ مليار ليرة سورية، إيداعات في المصارف، علماً أن عام /2010/ شهد زيادة في الإيداعات بحدود /100/ مليار عن العام الذي سبقه، عدا المبالغ المودعة بالعملات الأجنبية، وعدا الأموال المتوافرة بين يدي الأسر (بدليل تمكن العديد من جامعي الأموال من الدخول لهذه الأسر) وما ظهر مؤخراً من سحوبات مصرفية / من الإيداعات/ كان بتأثير من بعض شركات الصيرفة الهادفة للمتاجرة بالنقود، ولكن هذه السحوبات كانت قليلة وأثرها أقل، وما شهدناه مؤخراً من مسارعة كثيرين لإيداع أموالهم دعماً لليرة السورية يؤكد وطنية الشعب السوري، وأيضاً يؤكد وجود أموال بين يدي الشعب.

أراضٍ خارج الخدمة

بطالة الأرض مؤكدة من خلال الإحصاءات السنوية التي تظهر عدم استثمار آلاف الهكتارات من الأراضي القابلة للزراعة، والتي تتراوح مساحتها حول /350/ ألف هكتار كل عام، منذ عام /2002/ حتى عام /2009/ وقبل هذه الأعوام كانت هذه المساحة تزيد على ذلك بحدود /100/ ألف هكتار، فضلاً عن أن بعض الأراضي المستثمرة تتطلب حالة استثمار أفضل مما هي عليه، ومساء يوم الأربعاء 1 / 6 / 2011 ومن خلال برنامج حواري على شاشة تلفزيون الدنيا أفاد أحد المواطنين أنه توجد مئات آلاف الهكتارات على ضفاف سد الثورة التي يمكن إرواؤها من السد ولكنها غير مروية رغم المطالبة بذلك منذ سنوات، وأينما اتجهنا في الجمهورية العربية السورية نجد أرضاً غير مستثمرة، أو أنه واضح للعيان أن استثمارها جزئي جداً، وخاصة أنه من المؤكد أن عدم استثمار هذه الأراضي لا يعود فقط لحالة الجفاف المطري، بل يعود لحالات جفاف من أنواع أخرى، ومثيلها ما نجم عن آثار ارتفاع سعر المازوت من /7 – 25/ ل.س وكان تنزيله مرتين حتى أصبح بـ/15/ ل.س خطوة مشكورة، وأيضاً ما نجم عن ارتفاع أسعار السماد الكيميائي بحدود ثلاث مرات عما كانت عليه.

منشآت مجمدة

بطالة المنشآت بجميع أنواعها حالة قائمة وبكثافة عالية، ولكن لا تتوفر إحصاءات حديثة تبين ذلك والإحصائية المتوفرة ( تعود لنتائج الحصر الشامل للمنشآت الذي جرى عام 2004 (- وهو آخر إحصاء دقيق جرى منذ ذلك الحين وحتى الآن – تؤكد وجود بطالة، ومن المؤكد أن الوضع الراهن قريب الشبه بالواقع الذي كان في عام /2004/ بل من المفترض أن تكون حدثت بعض الزيادات في أعداد المنشآت المتوقفة بتأثيرات عديدة وخاصة ما نجم في السنوات الأخيرة بتأثير انفتاح التجارة الخارجية والأحداث الداخلية، وحيث إنه لا تتوفر إحصاءات حصر شامل عن وضع المنشآت إلا من خلال نتائج التعداد العام الذي يجري مرة كل عشر سنوات، فالجدول التالي يظهر أعداد جميع أنواع المنشآت العاملة في كل المجالات الصناعية والتجارية والإنشائية والخدمية ( كما يظهر أعداد المنشآت غير العاملة)، وتوزعها بين المحافظات في جميع القطاعات/عام – خاص فردي أو شركة  – تعاوني – مشترك – هيئات اجتماعية لا تهدف للربح / حسب نتاج التعداد الأخير الذي جرى في عام/2004/، وعلى الأغلب واقع الحال (بخصوص نسبة  المنشآت غير العاملة) ليس بأفضل مما كان سابقاً.

المنشآت الاقتصادية في سورية / لجميع القطاعات الاقتصادية وجميع أقسام النشاط الاقتصادي حسب نتائج الحصر الشامل للمنشآت لعام / 2004 وتوزعها في المحافظات العاملة وغير العاملة

ويتضح من خلال متابعة الأرقام المتاحة عن الموضوع أن أعداد المنشـآت غير العـاملة، تشكل قـرابة / 45 % / من مجمل المنشـآت ( 274576 من 600993) والحالة تتطلب من يبحث عن الأسباب.

وأن المنشآت التي وضعها الراهن فرع أو مستودع أو خالية تشكل /35 %/، ويشكل كل منها بناء أو جزءاً من بناء معد لغاية استخدامه منشأة بما يتناسب مع مواصفاته، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بناء المنشأة قد يكون بمساحة صغيرة حوالي /10/ أمتار مربعة أو أكثر، وقد يسمح بتشغيل عامل أو أكثر، والحالة تتطلب من يبحث عن تحقيق استخدام  هذه الأبنية  للهدف الذي شيّدت من أجله.

كما أن أعداد المنشآت المتوقفة عن العمل تشكل قرابة / 10 % / من مجموع المنشآت، وهي منشآت جاهزة للعمل ولكنها متوقفة لأسباب عديدة / إدارية تتمثل بنقص بعض المتطلبات – قانونية – مالية – تأمين مستلزمات الإنتاج – تأمين تسويق المنتج – توفر اليد العاملة/.

ويظهر أن قرابة نصف المنشآت (العاملة وغير العاملة) يتمركز في ثلاث محافظات / دمشق – ريف  دمشق – حلب / والحالة تتطلب تهيئة أجواء انتشار المنشآت في بقية المحافظات لما لذلك من أهمية كبرى.

كما يتضح من الجدول أن عدد المنشآت الاقتصادية / 600594/ والمنشآت الاقتصادية الخاصة العاملة، هي الغالبة/ 553976 منشأة/ وأكثر من نصفها من فئة عامل وعددها /346134 منشأة / وعدد كبير من فئة عاملين وعددها / 106999 منشأة / في حين أن عدد المنشآت التي يزيد عمالها على عشرة عمال  عاملين هو / 3498/، ما يؤكد حجم وأهمية المنشآت الصغيرة.

على طاولة المعالجة

من المفترض أن تعمل جميع الجهات المعنية ( وزارة الاقتصاد – وزارة الزراعة- غرف التجارة والصناعة والزراعة -اتحاد الحرفيين – المنظمات والنقابات والاتحادات والهيئات التي لها منشآتها الخاصة بها ) بالتعاون مع الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات لتتبع وضع المنشآت بشكل دائم في كل محافظة لحصر جميع المنشآت وأرشفة ذلك ومتابعة حالتها الإنتاجية ومعالجة جميع العقبات التي تعترض عمل منشأة متوقفة أو تعيق إحداث منشأة في بناء جاهز ومعد مسبقاً لهذه الغاية، بالتكامل ماليا مع موجودات المصارف والادخارت الأسرية، والعمل على تهيئة المتطلبات اللازمة  لتشغيل المنشآت العاملة بكامل طاقتها، وعندئذ سيتبين أن مشكلتنا في العطالة (بمعناها الموسع) أكثر مما هي في البطالة، ويمكن لهذه الجهات التعاون مع المكتب المركزي للإحصاء، لإعداد جميع الإحصاءات التي تلزمها.

  • عبد اللطيف عباس شعبان

خبير اقتصادي وعضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

 

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]