دستور عمل المحاكم المصرفية جاهز

دمشق – الخبير السوري:

يشكّل عمل المحاكم المصرفية نقلة نوعية لجهة ضمان حقوق كل من المصارف والمقترضين، وتقصيراً لأمد الإجراءات القانونية التي كانت تطبّق في السابق والتي كانت تحتاج إلى فترات زمنية طويلة للبت بالقضايا المالية، ولكن ما يعتري عملية متابعة حقوق المصارف من تكاليف كبيرة وخسائر لحقت بها نتيجة سلوك الكثير من المتعاملين وخاصة خلال فترة الأزمة التي تمرّ بها سورية باستغلالهم إجراءات التقاضي الطويلة والثغرات الكبيرة في إجراءات التنفيذ لإطالة أمد التقاضي وحرمان البنوك من تحصيل حقوقها سواء كلياً أم جزئيا،  كل ذلك حسب خبراء المصارف ناتج عن ضعف التشريع وعدم ملاءمته الزمني مع الواقع الحالي والتطور الاقتصادي، الأمر الذي دفع رواد القطاع المصرفي في سورية “إدارات المصارف الحكومية ووزارة العدل والمصرف المركزي” إلى إدخال بعض التعديلات على قانون المحاكم المصرفية.

وذكر مصدر مصرفي أن مشروع التعديلات الخاص بعمل المحاكم المصرفية قد أنجز بشكل كامل، موضحاً أن أبرز التعديلات الجديدة والطارئة على عمل هذه المحاكم يكمن في أصول التنفيذ وذلك اختصاراً للوقت وضبط الإجراءات المتعلقة بالمحاكم، كما تمت دراسة صلاحيات هذه المحاكم والمواعيد المقررة بغية تحصيل ديون القروض المتعثرة بعد أن تجاوزت الـ260 مليار ليرة.

وأضاف المصدر: إن المحاكم المصرفية تنظر في دعاوى متعلقة بتحصيل ديون ناتجة عن منح قروض أو تسهيلات ائتمانية بمختلف أنواعها قامت بمنحها لزبائنها الذين توقفوا أو امتنعوا عن تسديد ما ترتب عليهم من أقساط، موضحاً أن القانون 21 لعام 2014 منح المحاكم المصرفية كل الصلاحيات القانونية لاتخاذ سائر التدابير المستعجلة، التي بإمكان المحاكم المدنية العادية اتخاذها إلا أن القانون خصّ المحاكم المصرفية بصلاحية اتخاذ تدبير مستعجل في النزاعات المصرفية حصراً، وهو تدبير منع السفر الذي يطول الشخص المدين للمصارف المتوقف عن دفع حقوقها بحيث يمنعه من مغادرة القطر ضماناً لحقوق المصارف التي قد تتعرض حقوقها للضياع الكامل أو الجزئي في حال مغادرته القطر.‏

وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي الدكتور حسين الفحل أنه في ظل توسع منظومة الأمن الاقتصادي للدولة، وزيادة عدد الدعاوى المتراكمة لدى المصارف العامة منذ عدة سنوات، وفوات عائدات بعشرات الملايين على خزينة الدولة، برزت الحاجة إلى إحداث محاكم مصرفية انطلاقاً من مبدأ التخصص القضائي وأهمية البت في القضايا المصرفية وتسهيل إجراءاتها، مشيراً في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أن القانون أعطى للمحكمة الناظرة في الدعوى المصرفية الحق باتخاذ جميع الإجراءات والتدابير والقرارات المستعجلة بما فيها منع السفر وذلك بقرار يتخذ في غرفة المذاكرة قبل دعوة الأطراف وبعد دعوتهم، ولها الحق في الرجوع عن إجراءاتها وتدابيرها وقراراتها المستعجلة بناء على طلب المتضرر في أية مرحلة من مراحل الدعوى وذلك وفقاً لما أوردته المادة الثالثة من القانون 21 الخاص بعمل المحاكم، موضحاً أن الإشكالية التي ترافق عملية تحصيل القروض المتعثرة تكمن في أن أغلبية المقترضين أصبحوا خارج البلاد مستغلين الفوضى وعدم قدرة هذه المحاكم على منعهم من السفر، مبيّناً أنه كان من المفترض أن تكون الإجراءات صارمة بحق المتعثرين، ولابد من وجود حالة تفاهم بين المصارف والمقترضين المتعثرين تعتمد على إعادة جدولة المديونية لضمان التسديد بآليات وشروط جديدة.

وفي الشق القانوني حول المادة الثالثة من القانون 21 يرى الفحل أنه من الضروري تحديد قرار منع السفر بسقف معين أو قيمة محددة من المال  على أن يكون هناك توحيد للتشريع الخاص بالمصارف، والتشدّد في عملية تقديم الضمانات قبل تنفيذ القروض لأنها الحافظ الوحيد للمال العام.

يذكر أن إحداث المحاكم المصرفية يأتي في سياق تأمين السرعة والسهولة والمرونة في الإجراءات والحفاظ على مصالح كل المتقاضين وضمان أموال المصارف.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]